دخل السباق بين تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة الرئيس تمام سلام وبين عقد الجلسة النيابية للبحث في قانون الانتخاب الأربعاء المقبل، مرحلة حرجة بعد «الاعتراض الاستباقي» من قبل «قوى 8 آذار» على نية سلام التقدم بتشكيلة حكومية من 14 وزيراً من الحياديين والمستقلين بعدما بلغت المفاوضات على صيغة ال24 وزيراً الموزعة على 3 أثلاث بين قوى «8 آذار» و «قوى 14 آذار» والوسطيين، والتي طرحها سلام، طريقاً مسدوداً، بسبب إصرار رئيس البرلمان نبيه بري على أن يسمي وزيراً تاسعاً من خارج حصة «8 آذار»، بحجة أنه يحق له ذلك أسوة بالوسطيين الآخرين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس سلام، الأمر الذي رفضاه منعاً لتكرار تجربة حصول هذا الفريق على الثلث المعطل في الحكومة. وسرّبت قوى 8 آذار اعتراضها على احتمال لجوء سلام الى حكومة من 14 وزيراً قبل الأربعاء المقبل، مقترناً بتسريبات عن أن جنبلاط أخلّ بالتزامه مع الرئيس بري و «حزب الله» عدم القبول بحكومة لا يتمثلان فيها أو يرضيان عنها، وبأن فريق 8 آذار يدرس في حال موافقة الرئيس سليمان على إصدار مراسيم الحكومة المصغرة وأيدها جنبلاط، عدم تسلم وزرائه الوزارات وعدم اشتراك بري في التقاط صورتها التذكارية التقليدية وعدم الدعوة الى جلسة التصويت على الثقة بها. واعتبرت مصادر 8 آذار الحكومة المصغرة «حكومة أمر واقع». وفيما بدا أن التأزم اللبناني بات مرتبطاً بالتطورات الإقليمية المتعلقة بمجريات الميدان في سورية، وأن عنوان قانون الانتخابات وموعد إجرائها وتشكيل الحكومة باتت متصلة بالمراهنات على المعارك الدائرة في سورية، استدعى الموقف قيام جنبلاط بزيارة خاطفة للمملكة العربية السعودية أمس للتشاور مع كبار المسؤولين فيها حول الوضعين الإقليمي والداخلي، وفق معلومات «الحياة»، خصوصاً أن موقف جنبلاط سيكون حاسماً في شأن إمكان تشكيل الحكومة المصغرة. واستغربت مصادر الرئيس سلام ل «الحياة» الحملة عليه وعلى جنبلاط من قبل قوى 8 آذار ووصفتها في خانة «التخويف والتهويل»، مشيرة الى أن جنبلاط لم يعط موافقته على صيغة ال14 وزيراً، وأن سلام نفسه ما زال يدرس خياراته في هذا الشأن، على رغم أنه لم يلزم نفسه بموعد محدد، مع أنه يعتبر موعد الجلسة النيابية للبحث في قانون الانتخاب في 15 الجاري نقطة تحوّل تفرض مراجعة الحسابات، خصوصاً أن الجلسة مفتوحة على احتمالات التمديد للبرلمان وتأجيل الانتخابات أو الاتفاق على قانون انتخاب في وقت هو يعتبر أنه لو تشكلت الحكومة منذ شهر، لكان هذا عنصراً ضاغطاً إيجابياً في اتجاه اتفاق الأطراف على قانون الانتخاب. وسألت مصادر سلام عن سبب الحملة من قبل 8 آذار عليه، «وهي قد تكون مفهومة لو أنه شخص رفع التحدي أو قام بخطوة استفزاز». وكشفت أن سلام وافق على مطلب قوى 8 آذار أن يسمي بري الوزير الشيعي الخامس في صيغة الحكومة من 24 وزيراً، لكن من ضمن حصة قوى 8 آذار لا أكثر لأن الإخلال بصيغة الثلاث أثلاث في الحكومة إخلال بالتوازن داخل الحكومة. كما كشفت أن سلام لا يمانع أن يسمي الرئيس بري وزيراً سنياً حتى، لكن من ضمن حصة ال8 وزراء له ولحلفائه، تجنباً لحصول أي فريق على حصة الثلث المعطل في الحكومة. وقالت مصادر سلام ل «الحياة» إن معادلة 8 وزراء لكل فريق «دقيقة ولا يمكن إضافة ربع وزير لأي فريق ومن ساواك بنفسه ما ظلمك». وسألت المصادر: «لماذا الحؤول دون قيام حكومة حيادية؟ هل الهدف أن نصل الى فراغ حكومي في ظل احتمال عدم التوصل الى قانون للانتخاب؟ ودعت المصادر الى انتظار ما سيقدم عليه الرئيس سلام قبل الجلسة النيابية، رافضة الدخول في تكهنات حول ما إذا كان سيطرح على الرئيس سليمان الحكومة المصغرة.