بدت ملامح التأثيرات المباشرة في قطاع المطاعم والتموينات واضحة، بعد مرور أكثر من 40 يوماً على ابتداء الحملات التفتيشية على العمالة المخالفة في السعودية مع نهاية العام الهجري الماضي، إذ تقلص عدد العمالة في مطاعم كبيرة ومراكز بيع المواد الغذائية بقطاعي الجملة والتفرقة. واتخذت سلسلة مطاعم شهيرة في السعودية طرقاً لسد العجز الواضح في أعداد عمالتها، إذ ألغت خدمة «النادل»، واكتفت بوضع لوحات تفيد بأن الخدمة ذاتية لمرتادي المطعم، في خطوة توضح مدى نقص العمالة بعد انتهاء مهلة التصحيح. ويؤكد عضو لجنة تجّار المواد الغذائية والمشروبات في غرفة تجارة جدة محمد بلخشر ل«الحياة» وجود نقص كبير في العمالة في قطاعي التموينات الغذائية والمطاعم، ما حدا بكثير من الجهات إلى الاعتذار لعملائهم عن عدم استطاعتهم تقديم خدماتهم المعهودة، مقدراً نقص الإنتاج في قطاع المياه 30 في المئة عن العام الذي سبق الحملة التصحيحية. وقال بلخشر إن كثيراً من المخابز والتموينات الصغيرة أغلقت لعدم وجود عمالة، مشيراً إلى أن التجار يعانون الأمرّين، وأنهم في حال تصحيح أوضاع عمالتهم سيتأثر تقويم وزارة العمل لهم في برنامج نطاقات، خصوصاً أن وزارة العمل تلزم بسعودة تصل إلى 16 في المئة من إجمالي العاملين في قطاع المياه. وأضاف: «مشكلة العمالة أزلية، وتصحيح الأوضاع جاء متأخراً، والوقت لم يكن كافياً للتاجر. كان من المفترض أن يمنح التجار عاماً لتصحيح أوضاع عمالتهم، والجوازات لم توفر عدداً كافياً من الموظفين»، معتبراً أن وزارة العمل لا تتفهم النسبة التي ألزمتهم بها في سعودة الوظائف، «قطاعنا خدمي ولا يوجد سعودي سيعمل حمّالاً للمياه». في المقابل، يرى البائع في إحدى التموينات الصغيرة جنوبجدة حسين (54 عاماً) الذي قدم من بنغلاديش إلى السعودية منذ نحو 10 أعوام، أن الحملة التصحيحية أثرت في زملائه من مخالفي أنظمة العمل، ما أسهم في إنعاش الدخل الاقتصادي للتموينات والمطاعم النظامية، معتبراً أن الحملة «نتاج طبيعي لتنظيم السوق». فيما عزا عضو اللجنة الوطنية التجارية في مجلس الغرف الدكتور واصف كابلي ل«الحياة» غضب التجار السعوديين من الحملة التصحيحية في البلاد إلى الرفاهية العالية التي تعوّد عليها المجتمع، معتبراً أن النظام جاء متأخراًَ ليرتب السوق الاقتصادية وينظِّم الوضع الأمني. وأكد استفادة العاملين في السوق في شكل نظامي اقتصادياً بعد حملات التصحيح، مثل مراكز التموينات الغذائية الكبيرة والباعة السعوديين في التموينات الصغيرة، موضحاً أن فئة كبيرة في قطاعي التموينات والمطاعم اختفت لتتيح الفرصة أمام الباعة السعوديين في دخل اقتصادي أكبر من الفترة الماضية. وأضاف: «تأخرنا في تطبيق النظام، وكنا متهاونين بصفتنا منظومة كاملة في التستر على المخالفين، وفي قطاع المواد الغذائية كان قدوم العمالة إلى البلاد من طريق شراء التأشيرات، وكانوا يعملون على حسابهم الخاص بسياراتهم، ويشكلون عاملاً مهماً في التسويق والتوزيع، ولكن بعد مهلة التصحيح انخفضت نسب التوزيع بعد اختفاء الموزعين غير النظاميين، وكثير من التموينات والمطاعم الصغيرة أقفلت». وقدّر كابلي استفادة أصحاب المراكز الكبيرة للتموين الغذائي بنسبة 30 في المئة نظراً إلى إغلاق التموينات الصغيرة، وتأثرت كمية الطلب من تجار الجملة.