أثار الشروع في تأسيس ما يسمى «غرفة صناعة الصحف الخاصة» في مصر، انقسامات في الساحة الصحافية المصرية، تجلت في حرب بيانات بين مؤيد لتلك الخطوة باعتبارها «السبيل لإقالة تلك الصحف من عثرتها المالية»، ومعارض، على أساس أنها «تمثل كياناً بديلاً لنقابة الصحافيين». ووفق بيان أصدره ممثلو سبع صحف، بينها «المصري اليوم»، و «اليوم السابع»، و «الشروق»، فإن تلك الغرفة تهدف إلى «التنسيق بين المؤسسات الصحافية الخاصة في كل ما يتعلق بصناعة الصحافة وتطويرها والارتقاء بها على مستوى الطباعة والتوزيع والإعلانات، والاستثمار في هذا القطاع الحيوي، وتمثيل الصحف الخاصة في الهيئات والجهات التي تُعنى بالصحافة والإعلام، وتوسيع البيئة الاشتراعية المنظمة لصناعة الصحافة». وأكد البيان نفسه أن المهمات العامة للغرفة تتعلق ب «اقتصاد الصحافة». ويرى مؤيدو تلك الخطوة أنها تبعث الأمل في وضع حد لمعاناة غالبية الصحف الخاصة في مصر من أوضاع متردية، بخاصة في ما يتعلق بالشق المالي. ويذهب هؤلاء إلى عدم وجود تعارض بين تلك الغرفة ونقابة الصحافيين، فهي ليست بديلاً منها، بل ويمكن النظر إليها باعتبارها مكملة للعمل النقابي. ومن جانبهم، يرى المعارضون أن هذا الكيان سيفضي إلى شق الصف الصحافي، ويرسخ هيمنة مالكي الصحف على المهنة، الأمر الذي قد يعني التحكم في مساراتها وتوجهاتها. وحذر صحافيون وقعوا على بيان يرفض وجود تلك الغرفة، من «محاولات لهدم نقابة الصحافيين بأيدي أعضائها، من خلال غرفة لصناعة الصحافة يؤسسها صحافيون بالوكالة عن أصحاب الصحف». وأصدرت نقابة الصحافيين المصريين بياناً أوضحت فيه أن هذا الكيان يتعارض مع المادة الخامسة من قانون النقابة التي تشترط ألا يكون بين أعضاء النقابة مالكو صحف، ومن ثم فإن نقيب الصحافيين ضياء رشوان أكد أن من سيخالف ذلك ستُسقط عضويته. وأوضح في تصريحات صحافية أنه مع فكرة إنشاء غرفة للصحافة عموماً، وليس الصحافة الخاصة فحسب. وقال إن كياناً يضم الصحف الخاصة يمثل خطراً على النقابة، مطالباً بإنشاء نقابة خاصة بملاك الصحف والناشرين على غرار ما هو قائم في لبنان، ليكون هناك مجال للتفاوض المباشر معهم. ونفى ما تردد عن عقد اجتماع بين أعضاء في مجلس إدارة النقابة وعدد من رؤساء تحرير الصحف الخاصة، للبحث في موضوع الغرفة التي تم الإعلان عن الشروع في تأسيسها. وذكر أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من أحد رؤساء تحرير الصحف الخاصة أبلغه فيه برغبة رئيس تحرير جريدة «الوطن» مجدى الجلاد، ورئيس تحرير جريدة «اليوم السابع» خالد صلاح، في ترتيب لقاء مع النقيب لعرض تصورهما بشأن «غرفة صناعة الصحف الخاصة». ومن جانبه وصف رئيس تحرير «اليوم السابع» خالد صلاح موقف النقابة بأنه «متشدد». وأوضح أن «الصحف الخاصة تسعى لإنشاء غرفة تتيح تقليل النفقات وتعظيم الأرباح من خلال استيراد الأوراق والأحبار وأدوات الطباعة، ما يساعدها على توفير حقوق مادية واجتماعية محترمة لصحافييها». وعقب اجتماع للبحث في إجراءات تدشين تلك الغرفة من طريق اتحاد الصناعات المصري، أصدر المؤسسون بياناً جاء فيه أن «عضوية غرفة صناعة الصحافة هي لملاك الصحف ولا علاقة للصحافيين بذلك»، مؤكداً أن رؤساء التحرير لن يكونوا أعضاء فيها. وأوضح البيان نفسه الذي ألقاه رئيس تحرير جريدة «الأسبوع» مصطفي بكري، حرص رؤساء تحرير الصحف الخاصة على وحدة العمل النقابي، ممثلاً في نقابة الصحافيين، والحرص على التحرك تحت مظلتها. وأكد أن رؤساء تحرير الصحف الخاصة مع وحدة نقابة الصحافيين، وأنهم يلتزمون القواعد التي تحكم الانتساب إلى تلك النقابة. وفي السياق نفسه، أصدرت «لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة» بياناً أعربت فيه عن أسفها الشديد لحال السجال التى يشهدها الوسط الصحافي المصري، بخصوص فكرة إنشاء غرفة لصناعة الصحافة. ودعا مقرر اللجنة بشير العدل، ممثلي الصحافة الخاصة إلى مراعاة المنتسبين عموماً إلى تلك المهنة من دون انحياز، «بدلاً من الوقوف فى صف أصحاب الملايين الذين جار معظمهم على حقوق الصحافيين». وتساءل: «من هو المسؤول عن تشريد ما يقرب من 800 صحافي ينتمون الى الصحافة الخاصة والحزبية، وكلهم من أرباب الأسر، والتسبب بضياع مستقبلهم، وقد شارف بعضهم سن التقاعد؟ وهل يجوز تبرئة أصحاب تلك الصحف من رجال أعمال أو رؤساء أحزاب من هذه الجريمة في حق المهنة وأبنائها؟ وهل تمكن أيضاً تبرئة رؤساء التحرير الذين تخلوا عن زملائهم وفضلوا الوقوف في صف أصحاب الصحف، وهل تمكن تبرئة الدولة باعتبارها المسؤول الأول عنهم؟». وأكد العدل أن الظروف التي تمر بها مهنة الصحافة، والدولة عموماً، في حاجة إلى تكاتف الصحافيين واصطفافهم لإنجاز مشاريع القوانين المكملة للدستور، بما يعلي شأن الصحافة ويحافظ على استقلالها، ويضمن لأبنائها حقوقهم.