باتوا يخشون الأمطار، يهرعون إلى «الشقوق» في جدران منازلهم، يجمعون ما لديهم من أوانٍ، تنفع لتجمع فيها المياه، لتحاشي تلف ممتلكاتهم «البسيطة»، التي لم يحصلوا عليها إلا «بشق الأنفس». وهم في الغالب لا يعرفون إلى من يتوجهون، كما يجهلون الأنظمة، فيما يصفون أداء الجمعيات الخيرية في مثل هذه المواقف ب«البطيء». وكان خيار نعيم، وهو أحد المتضررين من الأمطار الأخيرة التي شهدتها محافظة القطيف، «إحداث فتحات في جدار الغرفة، ليحدث تصريفاً لمياه الأمطار، ولا يغرق المنزل»، إلا أنه أكد أن هذه الحيلة «لم تنفع كثيراً، إذ تلف ما لدينا، والآن لا يملك أبنائي شيئاً ينامون عليه، وفرش المنزل تلفت بالكامل، والسبب هبوط سقف المنزل». وتوجه نعيم إلى الجمعية الخيرية في بلدته، التي أوفدت باحثاً اجتماعياً إلى منزله المتهالك، ولكنه لم يدخل إلى المنزل، ليطلع على الوضع كاملاً، واكتفى ب«المكتوب باين من عنوانه»، مضيفاً: «انتظرت الإنقاذ، ولكنه لم يصل، لأعود إلى الجمعية، لأنهم وعدوني بمبلغ لإصلاح ما تلف، فكان خياري بعد تأخيرهم أن اتفق مع من يصلح السقف، وكان رجلاً متعاوناً، بدأ في الإصلاحات لضرورتها الملحة، وأبلغني أنه متى ما توافر لدي مبلغ فبإمكاني تسليمه له، وبالفعل بدأ العمل». وسمع نعيم عن المساعدة التي يقدمها مكتب الضمان الاجتماعي، للمتضررين من الأمطار، وحين راجع مكتبهم في القطيف، أكدوا له ضرورة «إحضار تقرير الدفاع المدني. الذي لا أعرف كيف أحصل عليه، فأنا لم أبلغهم بالأضرار حين حدثت». ولم يكن حال أم أحمد أحسن من نعيم، فهي تقطن منزلاً مستأجراً، وزوجها مريض، ولا يقوى على العمل. ويتلقون مساعدة من الجمعية الخيرية والضمان الاجتماعي. وكان الإيجار «وبالاً»، عليها وعلى أولادها، وأرجعت السبب إلى «أن الجمعية لا تتكفل بترميم المنزل، لأن له مالكاً». ووصفت أم أحمد وضع منزلها بعد سقوط الأمطار ب«محطة للصعق الكهربائي، فقط دخلت المياه إلى أفياش الكهرباء، فيما تلف كل الأثاث، وطاولت الأمطار أوراقاً مهمة، واقتصر دور الجمعية على الكشف، إلا أنهم رفضوا الترميم والتعديل، ولولا الله ثم ما تبرع به أهل الخير من الفرش والأثاث المستعمل، لكان وضعنا في غاية الصعوبة» ويبدو أن مشكلة أم أحمد تتكرر لدى عدد من الأسر التي تسكن منازل وشققاً مستأجرة، ومنها عائلة اليوسف، إذ لا يتعدى راتب الزوج 2800 ريال، فيما بكت زوجته، حين أبدت حاجتها إلى الملابس، «خسرنا معظم ملابسنا، إذ كانت مياه الأمطار تدخل من كل مكان في المنزل، وسط صرخات أطفالي». وحول ترميم المنزل، تقول: «الجمعية ترفض تحمل كلفة الترميم والصيانة، لأنه مستأجر، فيما صاحب المنزل لا يجيب على اتصالاتنا المتكررة، وكانت مساعدات الأهالي إنقاذاً موقتاً لنا، ولكن ماذا سنفعل إن أمطرت مجدداً؟». ويتذكر ناصر الأيام والليالي الماطرة، مشبهاً أوضاعهم فيها ب«الاستنفار»، ويضيف: «مستوى الشارع مرتفع عن المنزل، فكانت المياه تجد طريقها بسهولة إلى غرفنا. ولم نكن وحدنا، فمعظم منازل الحي غرقت في المياه، وكنا ندخل منزلاً لإسعاف أهله، ونخرج منه إلى غيره، وتلفت ممتلكات كثيرة لجيراني، وسط دهشة الرجال، وذهول النساء، وبكاء الأطفال». ويؤكد ناصر أن أداء الجمعيات «ضعيف وبطيء جداً، فلم يحضروا إلا للمعاينة، من دون أن يقدموا حلاً، أما المساعدات بالأثاث والفرش فكانت من الأهالي»، مشيراً إلى أن المنازل «متهالكة، وتحديداً الأسقف، وإصلاحه يكلف الكثير من المال»، متسائلاً: «كيف ستكون حالنا إذا عادت الأمطار إلى الهطول؟». ويلفت ناصر إلى أن الأوضاع «في حاجة إلى وقفة جادة، فيما كل ما نراه جهود أهلية، وتبرعات من بعض من يستغنون عن أثاثهم أو غيره، ولكن المشكلة الأساسية لم تحل».