ردت الحكومة التركية على توقيف 52 شخصاً مقربين منها، بينهم بيروقراطيون وساسة ورجال أعمال، ضمنهم أبناء ثلاثة وزراء اتُّهِموا بفساد مالي ورشاوى، بعزل مديري الأمن الخمسة الذين أعدوا العملية الأمنية، في أقسام مكافحة الفساد المالي والجريمة المنظمة. وعاقبت الحكومة هؤلاء لحجبهم العملية عنها وعن وزير الداخلية، فعيّنتهم في وظائف ومدن مختلفة، وسحبت ملف القضية من المدعي العام زكريا أوز الذي أعدّها، وسلّمته إلى المحقق طوران شولاكادي الذي عيّن فوراً محقّقَين إضافيين لمشاركته في المهمة بسبب حساسية القضية وكثرة المتهمين. واعتبرت المعارضة الأمر محاولة مباشرة للتدخل في التحقيقات و «تغطية الحقائق»، إذ سأل «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي عن سبب بقاء الوزراء في مراكزهم فيما يُبدل المحققون والمسؤولون عن التوقيفات والتحقيقات. واعتبر أوميت أوران، نائب رئيس الحزب، أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بات «أبرز وكيل عقاري في العالم»، داعياً إلى تحديد مهلة لطرح الثقة بالحكومة في البرلمان. وقال العضو في الحزب أنغين ألتاي: «هذه أضخم فضيحة في تاريخ الجمهورية، وعلى رئيس الوزراء أن يستقيل». وعقد أردوغان اجتماعاً عاجلاً مع وزراء في مقر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، بعده قال نائبه بولنت أرينش إن الحكومة تعتبر أن ثمة «عملية مدبرة، تحولت حرباً نفسية، لتشويه صورتها» قبل الانتخابات البلدية في آذار (مارس) المقبل. وشدد على أن الحكومة ستدعم التحقيقات وحريصة على نزاهتها وإنجازها سريعاً، نافياً التستر على أي متهم أياً تكن علاقته بالحزب الحاكم. وزاد: «نحترم دائماً قرار القضاء ولن نتدخل». لكنه تساءل عن توقيت العملية التي قيل إن الترتيب لها بدأ قبل نحو سنة. وأكد توقيف أبناء وزراء الداخلية معمر غولر والبيئة أردوغان بيرقدار والاقتصاد ظافر كاكلايان، لكنه استبعد استقالة فورية لآبائهم، مضيفاً: «نؤمن ببراءة الوزراء، ولكن يمكن رئيس الحكومة أن يطلب منهم الاستقالة أو يمكنهم ذلك بملء إرادتهم». لكن مصادر في الحزب الحاكم أشارت إلى نقاش محتدم داخله حول أولئك الوزراء وضرورة استقالتهم. ولفتت إلى أن أردوغان قد يعجّل في تعديل حكومي كان يخطط له قبل الانتخابات، لتعويض الوزراء المرشحين لخوضها، مضيفة أن التعديل سيطاول الوزراء الثلاثة. ورجّحت تسريبات إعلامية تصاعد المواجهة بين أردوغان وجماعة فتح الله غولين الدينية ذات النفوذ في المؤسسات الأمنية، والتي تريد الانتقام من الحكومة، بعد سعي أردوغان إلى تصفيتها، من خلال كشف دفاتر قديمة وأسرار، ومحاولة إنهاء حياته السياسية، على رغم نفي الطرفين وجود تلك المواجهة. وتحدثت وسائل إعلام مقربة من الحكومة عن تدخل غربي للنيل من حكومة أردوغان، لرفضها فرض عقوبات اقتصادية على طهران، علماً أن قسماً من اتهامات الفساد يطاول تهريب ذهب وغسل أموال إيرانية، في مقابل استيراد أنقرة نفطاً إيرانياً خارج إطار العقوبات الغربية ومن دون استخدام الدولار والحسابات المصرفية، إذ تُستخدم سبائك ذهب في الدفع، من خلال وسطاء أوقفوا، بينهم نجلا وزيري الداخلية والاقتصاد. وفي هذا الإطار، صادرت الشرطة 4.5 مليون دولار مخبأة في علب أحذية في منزل سليمان أصلان، رئيس مجلس إدارة مصرف «بنك خلق» التابع للدولة. ونشرت وسائل إعلام تركية تسريبات عن أدلة وبراهين في القضية، بينها تصوير بالصوت وتسجيلات لمكالمات تثبت رشاوى لنيل تراخيص بناء على أراضٍ للدولة، يمنع التشييد فيها للمنفعة العامة.