«صانعة كلمة الوتر»، تذكرها الوتر والقانون، والفنانة غادة شبير. انقضى 8 أشهر على وفاة عازفة القانون اللبنانية إيمان حمصي، لكن هذه الورقة المشرقة من الزمن لم تُطوَ. كانت التحية لها من مهرجان «بيروت ترنّم 2013» أبلغ من النسيان. بالصوت والكلمة تذكر الحاضرون حمصي، وبصورها التي اجتاحت الفيلم الوثائقي عن حياتها، استعاد الحاضرون تجربة «سيدة وموسيقية وأم استثنائية». لم يكن اللقب الذي حازته حمصي «سيّدة القانون» مغالاة، فهي واحدة من أبرز السيدات الرائدات في العزف على القانون، وحازت شهرتها بالعزف بأصابعها العشر على أوتار جعلتها «تشعبات شرايينها»، وفقاً لتقنية خاصة طوّرتها. من هذا المنطلق كان التكريم لحمصي ضمن المهرجان، ومساء أول من أمس اجتمع كثيرون من محبيها في كنيسة مار الياس في وسط بيروت، إحياء لذكراها، برفقة نجمة الغناء الشرقي غادة شبير. وبعد دقيقة صمت وقوفاً على ذكرى حمصي، أبدعت شبير بترانيم فرح كانت رافقت بها صديقتها الحمصي في مناسبات عديدة، وكان الغناء في الكنيسة نفسِها أحدَها. «اعتدنا على طرب وترها الأصيل، ووجهها المشعّ كملاك نور يطوف بيننا زارعاً الحب والأمل»، قالت ميشلين أبي سمرا، في كلمة المهرجان، خلال رثاء حمصي، مشيرة إلى أنها «سيدة وموسيقية وأم استثنائية لم يكسر الألم إيمانها، بل زادها صفاء وزهداً». أما المرض الذي عانته قبل وفاتها عن 45 عاماً، «فزادها عزماً على أن ترافقنا حتى اللحظات الأخيرة، بأنامل عزفت على القانون كالنسيم الذي يداعب وجه الماء». وينطلق تكريم حمصي في مهرجان «بيروت ترنّم» من ملامسة معزوفاتها الترانيم الخاصة بعيد الميلاد، فالعام الماضي، تقول عائلتها «كانت هنا، بيننا، تجلس أمام القانون إلى اليمين، وكانت وردة بيضاء على الأوتار». في مشاركتها العام الماضي «كانت تعرف دائماً وقع كلمة الوتر، وتصنعها بلهفة وعشق». وللتاريخ، بصمت الحياة «بعشر أصابع وليس بإصبع واحدة». وأحيت شبير الأمسية، منشدة أناشيد الميلاد باللغتين العربية والسريانية. اللافت في الأمسية أن شبير نفسها تولت ترجمة النصوص وتنسيقها، فيما كانت الألحان من التراث الديني. وشارك في العزف بسام صالح على الكونترباص، وعفيف أبو مرهج على العود، وإيلي حردان على البيانو، وناجي عازار على الكمان. وازداد الغناء إبهاراً بصوت شبير الأوبرالي، وقدرتها على التوليف الشرقي، فهي أستاذة الغناء الشرقي في الكونسرفتوار الوطني وجامعة الكسليك، ومتخصصة في غناء الموشحات والتراتيل السريانية القديمة، ولديها دراسات ومراجع في هذا المجال. ويتقاطع هذا النوع من الغناء مع مدرسة الراحلة حمصي في العزف الشرقي. ومن المعروف عنها أنها طوّرت تقنياتها الخاصة في العزف على القانون، مستعملة عشر أصابع، من دون إهمال الطريقة التقليدية في العزف عبر استعمال إصبعين.