كشفت العاصفة الثلجية «أليكسا» التي استقرت في الأردن في الأيام الثلاثة الماضية، ضعف الإمكانات الحكومية، إذ خرج الكثير من مناطق العاصمة عمان عن السيطرة بعد أن حاصرته الثلوج التي بلغت ارتفاعات غير مسبوقة، كما قطعت خدمتي الكهرباء والماء عن تجمعات سكانية كبيرة، ما اضطر الجيش إلى نشر فرق وآليات تتبع القوات المسلحة في الشوارع والساحات العامة لغايات فتح الطرق وتقديم الخدمات لمحتاجيها، كما أصدر قراراً بتشغيل المخابز العسكرية لإيصال الخبز إلى سكان المناطق النائية التي حاصرتها الثلوج والجليد. ودعا العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال زيارة ميدانية لمقر وزارة الداخلية أمس، إلى تضافر الجهود والعمل على فتح الطرق بالسرعة الممكنة، والتأكد من وصول الخدمات والمواد الأساسية إلى المواطنين، خصوصاً داخل المناطق النائية والبعيدة. وبثت وكالة «عمون» الأردنية صوراً حصرية للعاهل الأردني وهو يساعد مواطنين بدفع مركباتهم العالقة في الثلج. وتسبب استمرار تساقط الثلوج بخفض درجات الحرارة إلى حوالى صفر درجة مئوية طيلة أمس، كما أدى إلى إلغاء رحلات طيران أو تأجيلها. وقررت الحكومة تعطيل الدوائر العامة والخاصة والجامعات والمدارس. وأعلنت مديرية الأمن العام الأردني في بيان أمس أن إقليم العاصمة «يشهد تساقطاً كثيفاً للثلوج، وأن الطرق الرئيسة والفرعية مغلقة». وعلى رغم أن غرف الطوارئ الحكومية عملت على مدار الساعة، إلا أن إمكاناتها، على ما يبدو، لم تكن كافية لتلبية حاجات المواطنين، والتعامل مع تطورات العاصفة. ولم يكن الوضع في محافظات الشمال والجنوب أفضل حالاً، إذ عاش الكثير من مناطقها في ظلام دامس بسبب القطع الكهربائي الذي استمر أياماً في بعض الأحيان. وأغلقت الطرق الرئيسة والفرعية في محافظات البلقاء (شمال غربي عمان) وعجلون وإربد (شمال) والطفيلة ومعان (جنوب)، فيما كانت شبه مغلقة في مناطق أخرى. والتزم الأردنيون منازلهم، ووضعت غرف الطوارئ خطة إنقاذ تشمل العجزة والمرضى وحالات الولادة فقط. ودعت مديرية الأمن المواطنين إلى «تقييد تحركاتهم وعدم الخروج من منازلهم حرصاً على سلامتهم». وقالت مديرية الدفاع المدني إنها تعاملت مع 2774 شخصاً حاصرتهم الثلوج والأمطار الغزيرة داخل منازلهم ومركباتهم. وكانت الأرصاد الجوية الحكومية تحدثت عن عاصفة ثلجية موسمية سبق أن تعايش معها الأردنيون، لكن الأمر بدا مختلفاً تماماً. وأثارت العاصفة حالاً من الحنق في أوساط المواطنين، وتسببت بموجات من السخرية والنكات تجاه الأجهزة الرسمية. وقال أردنيون ل «الحياة»: «إن العاصفة أكدت مرة أخرى فشل الحكومة بالتعامل مع الحالات الطارئة». وقال محمد المحسيري من منطقة صويلح في عمان ل «الحياة»، وهو يرتجف من شدة البرد: «لقد أخفقت الحكومة في حمياتنا». وأضاف بصوت غاضب: «الثلوج حاصرت المنازل، وقطعت أسلاك الكهرباء... قدمنا شكاوى كثيرة إلى أقسام الطوارئ، لكن من دون جدوى». وقال علي المجالي من المنطقة ذاتها: «منذ 3 أيام والكهرباء مقطوعة عن منازل الحي الذي أقطنه... اتصلنا بالعاملين في شركة الكهرباء، فأبلغونا أن الطرق مغلقة... اتصلنا بالبلدية، فجاء الرد أن كساحات الثلج لا يمكنها العمل لعدم توافر المحروقات التي تشغلها». وأوضح مواطن آخر: «المشكلة ليست في الثلج، المشكلة بافتقار الأردن إلى البنية التحتية الصحيحة، وفقدان الأجهزة الرسمية قدرتها على التعامل مع مثل هذه الظروف». كما شكا مواطنون من بيع أسطوانات الغاز المنزلي بأسعار مرتفعة تصل إلى حوالى 15 ديناراً للأسطوانة الواحدة (سعرها الحقيقي 10 دنانير)، خصوصاً في مناطق غرب عمان. وقال أحدهم: «إن عمليات البيع تتم من موزعين وعمال وافدين، فيما أكد نقيب أصحاب المحروقات فهد الفايز وجود «سوق سوداء» لبيع أسطوانات الغاز». وعلى الجهة الأخرى، غصّت مواقع التواصل الاجتماعي بصور الكثير من الأردنيين المحتفلين بالثلج، وأطلق بعضهم نكاتاً كثيرة، منها على سبيل المثل: «إغلاق فايسبوك وتويتر بسبب تراكم الصور الثلجية... العمل جار على إزالتها».