سببت عاصفة شتوية قوية تجتاح منطقة شرق البحر المتوسط حالة من الشلل في أنحاء المنطقة وزادت من معاناة السوريين المحاصرين منهم في الحرب الأهلية واللاجئين الفارين من القتال. ومن المتوقع أن تستمر العاصفة التي تعرف باسم "أليكسا" حتى غد السبت مصحوبة بالمزيد من الثلوج والأمطار مع انخفاض درجات الحرارة في مناطق شاسعة من تركيا وسورية ولبنانوالأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية. وتلحق الأحوال الجوية العاصفة التي بدأت يوم الأربعاء أضراراً كبيرة بنحو 2.2 مليون لاجئ يعيشون خارج سورية و6.5 مليون نزحوا داخل بلادهم. واجتاح البرد القارس والأمطار الغزيرة مخيم الزعتري الذي يأوي 80 ألفاً من بين ما يزيد على نصف مليون لاجئ سوري في الأردن. ومن بين هؤلاء اللاجئين خليل أطمة من مدينة الصنمين في جنوب سورية والذي كان يرتجف هو وابنتاه من شدة البرد في غرفة أغرقتها المياه وتخلو من وسائل التدفئة. وقال خليل: "انتقلنا من مأساة إلى أخرى". وتقول منظمات الإغاثة إنها تعمل على مدار الساعة لإجلاء اللاجئين من المخيمات التي أغرقتها المياه وتوزيع المواد الغذائية والإمدادات والملابس، لكنها لا تستطيع تلبية الاحتياجات. وقالت مديرة منظمة سيف ذا تشيلدرن (انقذوا الأطفال) في الأردن صبا الموباصلات وهي المنظمة التي تدير مخيم الزعتري، إن "هؤلاء الأشخاص يحتاجون إلى استعدادات أكبر بكثير للشتاء والمنظمات تبذل قصارى جهدها، لكن الأحوال الجوية الشتوية قاسية". وفي لبنان، يعيش ما يزيد عن 835 ألف سوري في خيم أو مبان مهجورة أو مع أصدقائهم وأسرهم. وقالت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) إن الاحتياجات تفوق ما يمكن أن توفره هي والمنظمات المتعاونة معها. وفي تركيا، قال مصطفى ايدوجو المتحدث باسم هيئة إدارة الطوارئ والكوارث التابعة لرئاسة الوزراء إن السلطات وزعت أغطية وملابس شتوية إضافية على كثيرين من اللاجئين السوريين البالغ عددهم 206 آلاف لاجئ في المخيمات الكائنة على طول الحدود. وعلى رغم هذه الأحوال الجوية تواصلت عمليات القصف والاشتباكات هذا الأسبوع في سورية. وأظهرت صور نشرت على موقع "تويتر" بعض مقاتلي المعارضة وهم يسيرون وسط الثلوج ويحملون أسلحة آلية وقاذفات صواريخ. وفي صور أخرى التقطت في مدينة حمص في وسط سورية ظهرت منازل دمرها القتال الدائر في الشوارع والغارات الجوية وتغطيها الآن طبقة سميكة من الثلوج. وبثت قناة "العربية" التلفزيونية اليوم (الجمعة) صورة لطفل يقال إنه توفى جراء تعرضه للبرد في سورية. ولم يتسن لوكالة "رويترز" التحقق من صحة التقرير من مصدر مستقل. وقال برنامج الأغذية العالمي إنه يوزع عشرة آلاف لتر من الوقود لأغراض الطهي والتدفئة على أسر نزحت داخل البلاد وتعيش في عشرة أماكن إيواء بالعاصمة دمشق. وقال ماثيو هولينجورث مدير برنامج الأغذية العالمي في سورية إن الكثير من السوريين فروا من دون أن يأخذوا معهم ما يكفيهم من الملابس الثقيلة أو الأغطية. وأضاف: "دائماً يكون الطقس في سورية شديد البرودة في فصل الشتاء، لكن الأمر يختلف تماماً عندما تواجه شتاء قارساً في أماكن إيواء مواردها محدودة للغاية بدلاً من الراحة التي تنعم بها في منزلك". وحالت الثلوج أيضاً دون بدء الأممالمتحدة في نقل إمدادات الإغاثة جوا من العراق إلى عشرات الآلاف من السكان في المناطق الكردية النائية في شمال شرق سورية. وغطت عاصفة ثلجية نادرة في شدتها منطقة القدس وأجزاء من الضفة الغربيةالمحتلة اليوم الجمعة فأصابت الحياة وحركة المرور بالشلل. فيما قال رئيس بلدية القدس نير بركات: "خلال سنوات عمري الأربع والخمسين لا أتذكر مشهدًا كهذا لا أستطيع أن أتذكر شيئا بهذا الكم". وفوجئ سكان غزة بغطاء من الثلج يكسو القطاع، وأخذوا يلتقطون صوراً لمشاهد الثلوج. غير أن الأراضي الفلسطينية تعرضت أيضاً لأمطار غزيرة أغرقت الشوارع وأغلقتها واستخدم عمال الطوارئ قوارب الصيد لإجلاء 700 شخص من منازلهم وتقديم الأغذية والأغطية والمصابيح لمئات آخرين محاصرين وسط المياه. وقالت الخطوط الجوية التركية على موقعها الإلكتروني إن تساقط الثلج على مدى يومين في تركيا دفعها إلى إلغاء 240 رحلة جوية داخلية وخارجية أمس الخميس في مطارات البلاد وامتد التأخير لساعات.