جمعت لندن أمس جواسيس سابقين أميركيين وبريطانيين ساهموا، في مراحل مختلفة، في كشف تقصير حكوماتهم وأجهزتها الأمنية. وفي حين أن هؤلاء ما زالوا على الأرجح في نظر حكوماتهم بمثابة «خونة ووشاة» بسبب كشفهم «أسرار الدولة»، إلا أنهم، أصروا أمام رابطة الصحافيين الأجانب، على صواب تصرفهم. كاثرين غن، الموظفة السابقة في وكالة التنصت الحكومية البريطانية (جي سي أتش كيو)، لا تزال غاضبة مما حصل قبل 11 عاماً. كانت تعمل في مقر الوكالة مترجمة للتقارير الصينية، عندما وصلت «مذكرة» من وكالة الأمن القومي الأميركي (أن أس أي) تطلب التجسس على ديبلوماسيين في الأممالمتحدة لضمان تأييد دولهم قرار الحرب ضد العراق. استاءت مما اعتبرته «أمراً» من الأميركيين للبريطانيين، خصوصاً أن الرأي العام البريطاني كان معارضاً للحرب، وسرّبت المذكرة لصحيفة «ذي أوبزرفر»، ما أثار زوبعة لم تمنع الحرب. وعندما فُتح تحقيق، أقرت لمرؤوسيها بأنها من فعل ذلك، واتهمت بخرق «قانون الأسرار الرسمية»، لكن عشية محاكمتها، عام 2004، رفض الادعاء كشف وثائق طالب بها محاموها، فخرجت بريئة. لماثيو هو قصة شبيهة، خدم في الجيش الأميركي في العراق وعمل ضمن طاقم سفارتي بلاده في بغداد وكابول، قبل أن يتولى إدارة «مجموعة دراسة أفغانستان». في عام 2009، استقال من مهمته ودان سياسة بلده. قال إن التقارير التي رفعت للحكومة كانت توضح أن الحرب في أفغانستان ليست على الإرهاب، بل أن لمقاتلي حركة «طالبان» أهدافاً وطنية أو عرقية، وأصرت الحكومة على إخفاء هذا الواقع والقول إن ما يحصل يأتي في إطار الحرب على الإرهاب وتنظيم «القاعدة». وقال ل «الحياة» أن «السياسيين في الغرب يضخمون تهديد «داعش» في العراق وسورية». مشدداً على «أن التنظيم سيء وحكومتي بغداد ودمشق أيضاً في حين أن التركيز لا يتم سوى على سوء طرف واحد». كولين راولي عميلة سابقة لمكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (أف بي آي) ومدعية سابقة، تحدثت عن كشفها محاولة الاستخبارات إخفاء تقصيرها في تفادي هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. شرحت أن أجهزة الأمن الأميركية كانت تعرف، من خلال أمور عدة بينها تنصتها على هواتف متشددين وتوقيفها للفرنسي المغربي الأصل زكريا موسوي، أن «القاعدة» تدرّب أفرادها على قيادة الطائرات، وأن مدير ال «أف بي آي» السابق جورج تينيت تلقى عرضاً عن تهديد الطائرات مصاغاً على برنامج «باور بوينت»، لكن الإدارة أصرت على أنها لم تكن تعرف بتخطيط «القاعدة» لهجمات بطائرات مخطوفة. وقالت: «كانوا يعرفون بكل شيء، لكنهم لم يكونوا يعرفون الوقت المحدد لشن الهجمات». وانتقدت بشدة أمس التوسع الأميركي - البريطاني في التنصت على المواطنين. كانت لكيرك وايبي تجربة مشابهة مع وكالة الأمن القومي الأميركي التي يتهمها بالتنصت على الأميركيين في شكل «غير قانوني». بدأت قصته عندما طوّر وزميله في العمل، ويليام بيني، برنامج «ثن ثريد» لفحص مضمون المعلومات التي يتم جمعها من خلال التنصت وهو برنامج كان يمكن أن يحبط هجمات 11 أيلول قبل وقوعها. لكن الوكالة تجاهلت «ثن ثريد» واختارت برنامجاً آخر يدعى «تريل بليذر» كلّف بلايين الدولارات ولم تثبت كفاءته. وعندما أثار ويبي وبيني القضية داخل الوكالة، تبنت برنامج «ثن ثريد» وسارعت إلى تطبيقه للتجسس على مكالمات الأميركيين، في تصرف «غير مشروع».