اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالعزيز الدخيل أن الاقتصاد السعودي يستهلك الثروة الوطنية، وقال: «إن إيرادات النفط تشكل 93 في المئة من الموازنة، وتصرف 65 في المئة منها على الرواتب والخدمات»، مشيراً إلى أن المملكة تدخر 2.5 تريليون ريال (676 بليون دولار) معظمها في سندات الخزانة الأميركية، مطالباً ب«تفعيل التنمية المستدامة المحافظة على رأس المال الوطني، وترشيد استنزاف النفط والمياه والكهرباء، من طريق برامج تعفي الفقراء وتدعم متوسطي الدخل وتجبر الأثرياء على دفع الكلفة كاملة». وأوضح الدخيل في ندوة المبارك التي أدارها الدكتور يحيى أبوالخير بعنوان: «الطريق إلى الهاوية» أول من أمس، أن «استخراج النفط لا يعد إنتاجاً، بل مجرد استخراج رأسمال وطني من مخازن جيولوجية محددة وغير متجددة في باطن الأرض»، لافتاً إلى أننا مضطرون لزيادة الإنفاق توافقاً مع النمو السكاني في المملكة التي تضم 29.3 مليون نسمة، والذي يصل إلى 2.7 في المئة. وأشار إلى أن «اعتماد الدول على نوع واحد في اقتصادها مثل النفط يعد ثغرة في عالم الاقتصاد، إذ تشير الدراسات إلى أنه لن يكفي المملكة أكثر من 70 عاماً، وهي فترة قصيرة في عمر الشعوب، إضافة إلى أن أي عارض سيؤثر فيه، كونه العمود الفقري في خزانة الدولة». وأضاف: «نحن نلهث لاقتناء الجديد في عالم التقنية، من دون تطوير الإنسان ذاته المشغل لها، إذ إن مخرجات التعليم ضعيفة مقارنة بالماضي، والفقر في تزايد ويختبأ خلف برامج التكافل الأسري، كما أن تحلية المياه التي توفرها الدولة مكلفة جداً، لأن 80 في المئة من المملكة صحراء»، مشدداً على أن الاستثمار في بناء عقل الإنسان من أنجح الاستثمارات في الدول كافة. ولفت إلى أن زيادة استخراج النفط الذي يتناسب طردياً مع سلوكنا الاستهلاكي يؤدي مستقبلاً إلى عجز مالي، وبخاصة إذا زاد الإنفاق على الإيرادات، ما يضطرنا وقتها إلى السحب من الاحتياط الذي لن يكفينا أكثر من خمسة أعوام. وحذر من أن المستقبل بحسب الافتراضات الاقتصادية، سيدفع إلى خفض النفقات، وزيادة السحب من الاحتياط بالتزامن مع استدانة داخلية وخارجية، ما يؤثر في السمعة المالية وقيمة العملة الوطنية، وربما يقود إلى الهاوية «الإفلاس». وأضاف: «اليونان لديها مصادر دخل متنوعة ومع ذلك أصابها الإفلاس، والحال كذلك في دول عدة مثل إيطاليا وإسبانيا»، لافتاً إلى أننا في حاجة إلى إعادة هيكلة سياسية تبنى عليها إصلاحات اقتصادية فعلية وليس مجرد خطط خمسية على الورق». وتابع: «وجود مجلس شورى يحاسب المقصر، وقضاء مستقل يوازن بين السلطات، وتوزيع عادل للمناطق البعيدة من المدن، يعفينا من الوقوع في الهاوية الاقتصادية»، مشيراً إلى أن «توفير الحياة الكريمة للإنسان واجتثاث الفقر والقضاء على البطالة تكون من خلال خطة وطنية تدرس وتنفذ، وليس من طريق زيادة بناء المؤسسات». وأضاف أن «العقل المنفتح الرافض للتلقين والمشاغب فكرياً يسهم في حماية الاقتصاد الوطني»، مشدداً على «ضرورة أن نفكر خارج الواقع لتدارك المستقبل».