شدد الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالعزيز بن محمد الدخيل على ضرورة سعي المملكة إلى تعزيز خطط وبرامج استراتيجية تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على مداخيل النفط كمورد رئيس وحيد لإيرادات الدولة، مشيراً إلى أن الموازنة العامة للدولة لا تزال تعتمد على 93 في المئة من إيراداتها على دخل النفط ومشتقاته. وقال الدخيل في اللقاء المفتوح الذي نظمته لجنة شباب الأعمال في غرفة الرياض، وحضره حشد من قيادات غرفة الرياض ورجال الأعمال والاقتصاد أخيراً: «لو أن النفط باق في أراضينا إلى الأبد، يمكننا أن نظل نعتمد على هذه المعادلة، لكن الإشكالية أنه ثروة ناضبة لا محالة بعد 40 أو 70 أو 90 عاماً كما تؤكد الدراسات الجيولوجية المحايدة والمعتبرة». وأضاف: «لذلك فلا بد أن نغير المعادلة وننوع من مصادر دخلنا، ف90 عاماً هذه لا تمثل زمناً في عمر الشعوب، بل إنها لا تتجاوز أن تشكل عمر جيل واحد». وحذر الدخيل الذي يترأس مجلس إدارة مجموعة الدخيل المالية من أن النفط مقبل على ثورة ما يسمى بالنفط أو الغاز الصخري الذي اتجهت أميركا لزيادة الاعتماد على إنتاجه هذا العام بتكنولوجيا حديثة، مؤكداً أنه سيؤثر في سوق النفط وأسعاره، ومن ثم في حصتنا بالسوق، داعياً إلى درس الأمر وآثاره ونتائجه علينا، وما يشكله لنا من تحديات. وأكد أهمية استثمار موارد النفط في بناء الإنسان السعودي، والإنفاق على مشاريع التنمية البشرية، وقال إنه سبق أن اقترح قبل خمسة أعوام قيام الدولة ببناء مدن تعليمية وعلمية تسهم في تخريج كفاءات وطنية عالية التأهيل، وتشكل الأساس الحقيقي للتنمية والبناء التي تكون البديل الناجح للعمالة الأجنبية، مجدداً هذا الاقتراح، خصوصاً أن نظام التعليم الحالي لا يلبي هذه المتطلبات. وأشار إلى أن «نجاح استراتيجية توطين الوظائف يتوقف على إعادة هيكلة التعليم، من خلال تطوير المناهج والمعلم، مقترحاً تأسيس هيئة تتولى الإشراف على عملية تأهيل وبناء الإنسان، من خلال تأسيس مدن علمية عالية المستوى في كل أنواع التقنية، تستقدم لها فرق علمية وأكاديمية كاملة من ألمانيا واليابان والدول المتقدمة، ويتم تزويد هذه المدن بكل ما تحتاجه من بنية أساسية، وتستقبل كل المواطنين الراغبين في التأهل العلمي في كل التخصصات، على أن نوفر لهم كل أسباب وبيئة التعليم السليمة والمواتية، فيتعلم بلغة أجنبية، وبراتب وسكن وعلاج، وخلال 10 أعوام تستطيع تخريج الكفاءات الحقيقية التي تجسد التغيير الصحيح للإنسان. وعن رؤيته لدور القطاع الخاص في توظيف المواطنين قال: «القطاع الخاص مطالب بالمساهمة في تدريب وتعليم وتوظيف المواطنين كجزء من مسؤوليته الاجتماعية»، معتبراً أن برنامج حافز، وما يقدمه صندوق المئوية وغيره من الصناديق الداعمة لتوظيف المواطنين ودعم أصحاب المشاريع الصغيرة، كلها أمور مساعدة، لكنها لا تشكل الحل الجذري الذي يكمن في إصلاح منظومة التعليم وإعادة بناء الإنسان. وانتقد المصارف التي تسعى إلى جني الأرباح الهائلة، بينما لا تقوم بدورها ومسؤوليتها الاجتماعية في التنمية، وطالب بافتتاح مصارف جديدة لإتاحة الفرصة للمنافسة الحقيقية بين المصارف، حتى تعود المصلحة للمجتمع، ويتحقق الدور المهم للمصارف في تنمية المجتمع. وعن العملة الخليجية الموحدة قال: «إنني لا أؤيدها، ولا أعتقد أنها سليمة، نحن لا نحتاج إلى عملة موحدة». وسئل الدخيل عن سوق الأسهم السعودية، فاتهم من يسمون بهوامير السوق الذين يقومون بالتلاعب بالسوق والأسعار بطريقة خفية أشبه بمن يحرك الأشياء فوق منضدة من الأسفل بواسطة مغناطيس لا يراه المتعاملون، وقال: «هذا التلاعب يضر بأموال البسطاء والعامة»، داعياً إلى معاقبة هؤلاء المتلاعبين ومحاكمتهم محاكمة عادلة على جريمة التلاعب بأموال الناس. ودعا الدخيل رجال الأعمال إلى التحلي بالقيم والمبادئ السليمة والمسؤولية الاجتماعية في محاربة الفقر، وأن يجمعوا المال، ولكن ليس على حساب القيم. وفي مداخلة من رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض الدكتور عبدالرحمن الزامل، أكد أن رجال الأعمال يسددون 20 بليون ريال من أرباحهم البالغ إجماليها 100 بليون ريال كضرائب للدولة والمجتمع.