في وقت استغل المرشد العام ل «الإخوان المسلمين» محمد بديع مثوله أمام القضاء للمرة الأولى أمس لمحاكمته بتهمة التحريض على العنف لتبرئة نفسه وجماعته من هذه الاتهامات، أحال النائب العام 25 ناشطاً بارزاً على القضاء على خلفية تظاهرة نظموها بلا ترخيص. وفي أول ظهور له منذ توقيفه في آب (أغسطس) الماضي، مَثُلَ بديع و14 من قادة «الإخوان» أمام محكمة جنايات الجيزة بتهمتي «العنف والإرهاب» على خلفية «أحداث شارع البحر الأعظم» التي خلفت خمسة قتلى بينهم ضابط جيش وعشرات الجرحى. وقال بديع خلال المحاكمة، التي عقدت في مقر معهد أمناء الشرطة المتاخم لسجن طرة وسط استنفار أمني: «إنني وجماعتي لسنا جناة أو متهمين، وإنما نحن مجنيٌّ علينا». ومَثُل مع بديع أمام المحكمة القياديون في «الإخوان» محمد البلتاجي وعصام العريان والوزير السابق باسم عودة وصفوت حجازي و9 آخرون، فيما يحاكم القيادي في «الجماعة الإسلامية» الفار إلى قطر عاصم عبدالماجد غيابياً. وتخلل الجلسة سماح المحكمة بلقاء المتهمين هيئة الدفاع، التي ترأسها محامي «الإخوان» محمد الدماطي، كما سمح لذويهم بالحضور داخل قاعة المحاكمة، قبل أن ترجئ المحكمة النظر في القضية إلى 11 شباط (فبراير) المقبل «للاطلاع على الأوراق وسماع شهود الإثبات». وكانت الشرطة أدخلت المتهمين قفص الاتهام تباعاً قبيل اعتلاء القضاة المنصة، وردد المتهمون هتافات ضد الجيش والقضاة، وكرر بعض الحاضرين خلفهم تلك الهتافات، كما لوحوا بإشارة «رابعة» من قفص الاتهام. واحتضن البلتاجي عودة، واصفاً إياه بأنه «أفضل وأشرف وزير تموين في تاريخ مصر»، بينما قال مرشد «الإخوان» مخاطباً أنصاره: «نتوجه بالدعاء إلى من ضحوا بأرواحهم، وندعوكم إلى أن تحذوا حذونا أيضاً بالدعاء». وفور اعتلاء القضاة المنصة، صاح البلتاجي: «قرار الإحالة والاتهام باطل، والنائب العام الحالي باطل، وأطلب من المحكمة منحي ثلاث دقائق للحديث أثبت خلالها بطلان المحاكمة والاتهامات... لسنا خصوماً سياسيين فحسب، وإنما نحن خصوم قانونيون أيضاً، لأن هناك أكثر من ألف بلاغ قدم من قضاة ووكلاء نيابة ضدي وضد أعضاء الإخوان، ومن ثم فإن وكلاء النيابة خصوم شخصيون لنا جميعاً، وهو ما يبطل أمر الإحالة الصادر من النيابة». وردّ رئيس المحكمة: «أعطوا الفرصة للمحكمة كي تتحقق من حديثكم»، فقاطعه البلتاجي قائلاً: «وجودكم في هذا المكان هو أكبر إهانة للقضاء المصري، فأنتم تحاكموننا داخل وزارة الداخلية». ثم تدخل العريان قائلاً: «نحن نعطي للمحكمة فرصة كي تراجع نفسها»، فرد عليه القاضي سامي كامل قائلاً إن «المحكمة تجلس على منصة القضاء منذ قرابة 50 عاماً، ومن ثم فلا يجوز الحديث معها بهذه الطريقة». وتلقف بديع الحديث موجهاً كلامه إلى المحكمة: «إنني وجماعتي لسنا جناة أو متهمين، وإنما نحن مجني علينا في مواجهة من قتلوا آلاف المواطنين والمتظاهرين السلميين، ولكن الانقلاب سحر أعين الناس». وأضاف: «لقد اتهمت في 24 قضية لا أعلم شيئاً عن تحقيقاتها، وسبق أن صليت إماماً بأعضاء المجلس العسكري، غير أنهم عملوا على زرع الكراهية في قلوب الناس من الإخوان الذين عاشوا بينهم عشرات السنين». وتابع: «لقد حُرق للجماعة 27 مقراً في يوم واحد وقتل ابني وحرق بيتي وأطلقت عليه نيران الرشاشات، ورغم ذلك لم يحدث تحقيق واحد، وعوملْتُ معاملة مهينة عند إلقاء القبض عليّ... الإخوان لم يرتكبوا عنفاً في حياتهم على وجه الإطلاق ليحاكموا عليه». وحال هتاف المتهمين دون استكمال ممثل النيابة العامة تلاوة لائحة الاتهامات، وطالب رئيس هيئة الدفاع بالسماح للمحامين بلقاء موكليهم، فاستجابت المحكمة، وعقب عودتها لاعتلاء المنصة أذنت لممثل النيابة العامة بتلاوة أمر الإحالة، الذي أَسند إلى بديع والبلتاجي وحجازي وعبدالماجد والعريان تهم «التحريض على ارتكاب أحداث العنف والإرهاب والقتل العمد، وتأليف عصبة مسلحة لمهاجمة المواطنين ومقاومة السلطات وإمدادها بالأموال والأسلحة». واتهمت باقي المتهمين «بالإرهاب والتجمهر والقتل العمد والشروع في القتل العمد، وعرض القوة وفرض السطوة والانضمام إلى عصابة مسلحة، وإحراز أسلحة، وإتلاف ممتلكات». على صعيد آخر، قرر النائب العام إحالة الناشط السياسي البارز علاء عبدالفتاح و24 آخرين على محكمة جنايات القاهرة، على خلفية تظاهرهم أمام مجلس الشوري نهاية الشهر الماضي، وأسندت النيابة إليهم تهم «البلطجة والتجمهر والتظاهر من دون إخطار». إلى ذلك، شكلت الحكومة لجنة وزارية لمراجعة قرارات العفو أو تخفيف العقوبات الصادرة خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، برئاسة رئيس الوزراء حازم الببلاوي وعضوية وزراء الداخلية والخارجية والعدل والعدالة الانتقالية والنائب العام ورئيس المخابرات «لتعكف على تقدير أسباب العفو ومدى اتفاقه مع الصالح العام واعتبارات الأمن القومي»، على أن ترفع تقريرها إلى رئيس الجمهورية «لاتخاذ ما يراه محققاً لمصالح البلاد». من جهة أخرى، قررت هيئة كبار العلماء في الأزهر في اجتماعها أمس بغالبية الأصوات إسقاط عضوية الداعية يوسف القرضاوي ورفض الاعتراف باستقالته التي أعلنها عبر وسائل الإعلام، ووافق على القرار 12 عضواً وعارضه 8 وامتنع واحد عن التصويت خلال جلسة رفض شيخ الأزهر أحمد الطيب ترؤسها. وحاول بعض أعضاء الهيئة، مثل المستشار السابق لشيخ الأزهر حسن الشافعي ومحمد أبو موسى عرقلة إصدار قرار الإقالة باقتراح تكوين لجنة لجمع كل ما قاله القرضاوي ضد مصر والأزهر وشيخه ثم «مراجعته للتأكد من تصميمه على ما قال». وفي ما يتعلق بمشروع الدستور الذي ينتظر الاستفتاء عليه الشهر المقبل، انضم رئيس حزب «مصر القوية» القيادي السابق في «الإخوان» عبدالمنعم أبو الفتوح إلى القوى الرافضة المشروع، مشيراً إلى إن حزبه سيشارك في الاستفتاء وسيصوت بلا. وقال: «رفضنا الجو العام من الانقسام والاستقطاب والقهر والقمع الذي تمارسه السلطة الحالية وهو أسوأ مما مارس نظام مبارك الذي ثار عليه الشعب».