كشفت مصادر اسرائيلية ان "تكاليف الاستعدادات لضربة عسكرية على ايران تجاوزت 12 مليار شيكل (4 بليون دولار)، وهو مبلغ لم تقدم الولاياتالمتحدة وعداً بمساعدة اسرائيل، ولو بجزء منه. ووفق ما اوردته صحيفة "يديعوت احرونوت" فإن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، صادق على هذا المبلغ بعد الانتخابات الاخيرة، وعلى ما يشمله من تدريبات عسكرية واستعدادات استخبارية، تجاوزت الحدود. وذكرت الصحيفة ان "اسرائيل قامت بصرف هذا المبلغ، على العلم بقناعتها انها لن تكون قادرة على تنفيذ عملية عسكرية دون الولاياتالمتحدة الاميركية، لكنها اصرت على استخدام السوط العسكري الاسرائيلي لتدعيم التحالف الدولي في فرض العقوبات على ايران وخلق حالة من الذعر لديها". وحسم عسكريون اسرائيليون انه "لن يحدث اي هجوم على ايران في السنة القريبة، ولهذا فان كل الاموال التي تحولت للاستعداد يفترض أن تحول الى حاجات اخرى". وأكدوا انه "على اسرائيل أن تنشأ قدرة رادعة فعالة لا نظرية، لأن الخطط التي تم اعدادها الى الآن فقدت، كما يبدو، جزءاً كبيراً من صلتها بالواقع"، مضيفين "اذا فشلت المحادثات مع ايران، فان القدرة العملية والردعية سترمي الى صد حصولها على القدرة الذرية. وازاء هذا الوضع، يؤكد الاسرائيليون، ان القيادة العسكرية تسعى حتى عام 2015 لعودة مع قدرات مختلفة يمكن اظهارها لأجل الردع". وفي تقريرها حول الموضوع تطرقت الصحيفة الاسرائيلية الى النشاط الاستخباري الذي نفذ خلال السنة الجارية، وما زال مستمراً، وصرفت فيه المبالغ الطائلة. وكتبت تقول:" الرئيس الاميركي كان مذعوراً في بداية هذه السنة خشية ان تهاجم اسرائيل ايران كما انه هدد نتانياهو شخصيا ليضبط نفسه، لكنهم في اسرائيل واصلوا الجهود الاستخبارية وحصلوا على بعض منها من دول اخرى، وما زالت الجهود الاستخبارية من الخارج مستمرة". وجاء في الصحيفة ان "الجهود مستمرة لجمع كل معلومة وكل أثر وكل شظية الكترومغناطيسية تطلق في الهواء في الشرق الاوسط، ويشارك في هذا الجهد الروس والفرنسيون والاميركيون الذين، عززوا اجهزتهم في كل مكان حتى في البحر. وقد عادت الى البحر المتوسط فجأة "سفن الصيد" الشهيرة ثم أرسلت اسرائيل الى الروس والايرانيين والسوريين لغزا آخر وهو صاروخ "أنكور" أُطلق من طائرة اف 15 وكان يرمي الى أن يكون صاروخ هدف في اطار تجربة صواريخ حيتس، وكان ذلك اظهار قوة اسرائيلية، ليس الا". ونقل عن مستشار الرئيس الاميركي في الشؤون الذرية، غاري سيمور، خلال مشاركته مؤتمر في اسرائيل، حول النووي الايراني ان "الاميركيين امنوا بأن اسرائيل ستهاجم في 2012. وخشي الاميركيون أن يفضي هذا الهجوم الى تدهور اقليمي يجرهم الى عمل عسكري لا يخدم مصالحهم. ولم يؤخرهم ذلك احيانا عن استعمال السوط العسكري الاسرائيلي لتقوية التحالف الدولي والعقوبات على ايران ولاحداث شعور بالخوف عند الايرانيين". وذكر المستشار امام الاسرائيليين السيناريوهات التي بحثتها الولاياتالمتحدة حول الهجوم العسكري على ايران بينها: الهجوم على منشأة ذرية واحدة، في أراك أو في بوشهر أو في مكان آخر، ولسلاح الجو الاسرائيلي تجربة ناجحة وقدرات جيدة حتى في هذا المدى لتنفيذ عملية محدودة كهذه. وله ايضا التجربة والطائرات والتسليح الصحيح والقدرة الدفاعية التي تمكن الطيارين من قدرة عالية على البقاء. بيد أن الهجوم على منشأة واحدة في ظروف ايران، كالهجوم على المفاعل الذري في العراق وسوريا، يختلف لأن البنى التحتية الذرية الايرانية تشمل ثماني منشآت تخصيب كبيرة متصلة باستخراج الوقود الذري، وحوالي عشرة مختبرات من أنواع مختلفة ومناجم يورانيوم وحوالي 50 ألف عامل. في هذا السيناريو رأى الاميركيون ان النجاح، حتى بدرجة 70 بالمئة، في القضاء على بنى تحتية من هذا النوع، يتطلب التخطيط لعملية تدوم اسابيع تشمل هجمات وهجمات مكررة وتشمل سيطرة استخبارية جيدة جدا في الوقت المناسب ومع سلاح خاص يُمكن من القضاء على أهداف في داخل الارض. وهذا هو السيناريو الثاني الذي خططه الاميركيون وهو لا يلائم حجم سلاح الجو الاسرائيلي والجو الدولي. فليس الحديث هنا عن هجوم على مفاعل ذري واحد في العراق أو في سورية، بل عن أهداف مدافَع عنها جيدا بمنظومات دفاع جوي كثيفة جدا. ويرى الامريكيون أن اسرائيل ليس لها حتى قدرة ادعاء الوصول الى عملية من هذا النوع، هذا الى أنهم يتحدثون طول الوقت عن أعداد كبيرة من المصابين، عند المهاجِم، في هجمات من هذا النوع. وما كان أحد ليدع اسرائيل تقوم بهذا القتال اسابيع طويلة، فوق ايران ايضا. اما السيناريو الثالث، وهو الذي اثار تخوفات لدى الاميركيين، مع انهم راوه الاكثر واقعية بالنسبة لقدرات سلاح الجو الاسرائيلي، فهو "هجوم تحريك". والحديث هنا عن هجوم على عدد قليل من الأهداف المهمة جدا للنظام الايراني أو للبنى التحتية الذرية يُحرك الازمة نحو حل سياسي تريده اسرائيل. وكان تقدير الوضع الامريكي أن عملية من هذا النوع، حتى قبل أن تحرك مسيرة سياسية، ستوجب على الولاياتالمتحدة أن تدخل الصورة العسكرية لمنع الايرانيين من انجاز عسكري يجعل التسوية السياسية غير مقبولة ويجعل المشروع الذري الايراني لا عودة عنه. والحديث في هذه الحال، بحسب السيناريو الامريكي، عن عملية عسكرية اسرائيل تستمر اربعة ايام حتى اسبوع وتشمل هجمات متتالية في العمق. وخطر هجوم التحريك هذا هو أن يتدهور الوضع الى السيناريو الرابع وهو السيناريو الذي يشبه الكابوس عند حلف شمال الاطلسي وهو حرب شاملة لايران تفضي الى احتلال أجزاء منها واسقاط نظام الحكم. واكد الاسرائيليون خلال استعراضهم لهذه السيناريوهات ان "الولاياتالمتحدة لم تعد اسرائيل باي دعم بل ان اسرائيل"، وفق ما ذكر، قد تجد نفسها، حتى بعد السيناريو الثاني وهو الضرب المحدود لأهداف لنظام الحكم أو لبنى تحتية ايرانية، بعد بضعة ايام من هجوم ناجح على ايران بغير الجزء السياسي الذي كان يفترض أن تحركه الضربة العسكرية. ويصف كبار مسؤولي جهاز الامن في اسرائيل ذلك اليوم بالقول: لم ينشأ "الجو الاستراتيجي" الصحيح للهجوم، ولهذا لم يحدث ذلك في السنوات الست الاخيرة ولن يحدث ايضا في السنة القريبة في اثناء التفاوض.