تتّسم فترة البثّ الصباحية، على شاشات مختلف القنوات الفضائية العربية، بأهمية خاصة، يُعبّر عن ذلك وجودها ركناً يومياً تمنحه القنوات مساحات زمنية، تطول وتقصر، في أشكال متعددة، تتقاطع مسمّياتها إلى درجة التقارب، وتتماثل مشهدياتها البصرية في الكثير منها، وإن كانت ثمة قنوات تنفر خارج السياق، لتجعل من فترتها الصباحية نقطة جذب أوسع، في افتتاحية يومية متجددة للعلاقة ما بين الشاشة والمشاهد، وبين المشاهد وما يهمه من أخبار ومعلومات وموضوعات. لا شك في أن القنوات الفضائية، على تعدّدها وتنوعها واختلافاتها، بنت ما يمكن أن نسمّيه «تقاليد» أو «أعرافاً» بات من المألوف اللجوء إليها لدى مُعدّي هذه الفترات، اقتباساً أو اقتداءً، أو قلة حيلة وضيق مخيلة! فما إن حضر الأستوديو الزجاجي المطل على خلفية بصرية ما بين الماء والخضرة والألوان الزاهية، حتى اعتمدته غير قناة. وحين لجأت قناة إلى الخلفيات الغرافيكية، لضرورات تحاول توسيع المكان الضيق في الأستوديو، والتحايل على الجدران الصارمة له، شاع هذا الطراز من الحلول. يتفق الجميع، على ما نظنّ، على أن المطلوب من الفترة الصباحية، يختلف تماماً عن غيرها. هنا لا بد من إطلالة جميلة، وابتسامة مشرقة، وموضوعات خفيفة، وربما طريفة، وألوان زاهية، وانتقالات سلسة، تخفّف عن المشاهد عنت حياته، التي طواها ليل بهيم، بعد نهار لئيم، وهو رازح ما بين مطرقة الأحداث والأخبار، وسندان حاجياته اليومية. ومن الممكن للمتابع أن يجد أطيافاً من هذه المحاولات، على غير شاشة، وإن نجحت حيناً وأخفقت في أحيان أخرى. سبق أن قلنا، هنا، إن الفترة الصباحية الشهيرة «صباح العربية»، على قناة «العربية»، خلقت لها طابقاً متميزاً من مستويات الأداء شكلاً ومضموناً، فيما لا تزال قناة «الجزيرة» تشكو من عيب واضح، في هذا الصدد، ولعلها تحار في العثور على ما يتوافق مع طموحاتها، بعد الكثير من المحاولات التي لم تنجح، فكرة بعد فكرة، وسنة بعد أخرى. يبقى أن قناة «الغد العربي»، الناشئة، اختارت لها درباً آخر، عبّرت عنه من خلال المزج ما بين الصباح والمساء في فترة حملت عنوان «صباح مساء»، بما يوحي بأن الفترة صالحة للمشاهدة أول النهار، وأول الليل، وفي هذا مغامرة، لا تبررّها فكرة أن تتمّ إعادة الفترة في بثّ ثانٍ، مثلاً، كما لا يناسبه هذا الديكور الثقيل الألوان، ولا اللقطات الضيقة! المشكلة أنه يتمّ التعامل مع هذه الفترة، بطريقة تكاد تجعلها لا تختلف عن غيرها من فترات البثّ، أو البرامج الحوارية، وإن أخذت هنا شكل الفقرات المتنوّعة ما بين موضوعات سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية، إلى درجة تجعلها أقرب إلى جريدة تلفزيونية تقلب صفحاتها، لا يغيّر عنوانها «صباح مساء» في الأمر كثيراً، ولا يبدو أنه يلزمها بضرورة الاختلاف عن غيرها، من فترات البثّ، ولا يضعها في سياق التنافس مع فترات البث الصباحية، التي نراها على غيرها من الشاشات.