بين الفينة والأخرى يظهر شعراء شعبيون يهاجمون المسابقات الشعرية التي انتشرت في الساحة الشعبية خلال الأعوام الماضية، لكنها أضحت المنبر الوحيد الذي يقصده الشعراء المبتدئون للظهور على الجمهور. وبدأت المسابقات الشعرية في عام 2007 ببرنامج «شاعر المليون» عبر قناة «أبوظبي»، إذ طغت جماهيريته على جميع البرامج، وبعد عامين من ظهوره اختفى وهجه، بيد أن هناك شعراء يقصدونه في كل عام. ولم تتوقف المسابقات الشعرية على «شاعر المليون» فقط، بل استنسخت قنوات شعبية عدة فكرة البرنامج الإماراتي، بغية استقطاب الشعراء، لكنها عجزت عن مجاراة «شاعر المليون». وبعد ستة أعوام من ولادة المسابقات الشعرية، لا يزال هناك شعراء يقصدون تلك البرامج، كونها المنبر الإعلامي الوحيد الذي سيسهم في نجوميتهم وشاعريتهم، في حين يرفض شعراء معروفون المشاركة في المسابقات الشعرية، كونها لا تخدم مسيرتهم، بل تلحق الضرر بهم، خصوصاً في حال عدم فوزهم بالمسابقة. وترى الشاعرة السعودية أصايل نجد أن المسابقات الشعرية لم تخدم الشعر، بل أساءت إليه كثيراً، كما لم تخدم الشعراء المشاركين فيها. وقالت أصايل: «الشعر لا يقدّر بثمن، فالمسابقات جعلت للمادة أهمية أكبر من الشعر»، لافتةً إلى أن الشعراء المشاركين في تلك البرامج لم يستفيدوا منها، بل أضرت بهم كثيراً. وأكد الشاعر سعيد بن مانع أن المسابقات الشعرية حالياً تعمل فقط على تطوير وتوسيع مدارك الشاعر الإعلامية، بيد أنها لا تخدمه جماهيرياً. ويبدو أن المسابقات الشعرية خدمت الشعراء من الناحية المادية فقط، لأنها تمنح الفائزين فيها ملايين الريالات، لكنها لم تنل الرضا من جميع المشاركين فيها، لأن نجوميتها موقتة، بدليل اختفاء معظم الفائزين بجوائزها من الساحة، وعدد من أعضاء لجانها، إذ يقول علي المسعودي، الذي عمل عضو لجنة تحكيم في ثلاث مسابقات شعرية: «المسابقات الشعرية التي تخضع لنظام التصويت لا تعلن نتائجها كما هو معمول به عالمياً في هذه المسابقات. وهناك مشكلة تسليع الثقافة، بإخضاع جودة الشعر إلى نتيجة تصويت الجمهور وليس للشعر نفسه، وهذا يسيء إلى الشاعر». وأضاف أن هناك فوائد عدة للمسابقات الشعرية، ولكن المشكلة تكمن في المسابقات الخاضعة لتصويت المشاهدين، «بعض المسابقات وصلت إلى حد إثارة العنصرية بين الجمهور». وغيّر عدد من الجهات الراعية لمسابقات الشعر من آليات المشاركة فيها، بإلغاء تصويت المشاهدين، وعدم استبعاد الشعراء المتغيبين عن الحلقات لظروفهم مثل حالات الوفاة أو المرض، إضافة إلى إلغاء القصائد التي تستنجد بالمشاهدين للتصويت، لمحاولة جلب جمهور لتلك المسابقات، لكنها فقدت جزءاً كبيراً من متابعيها منذ أعوام. وكان عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن منيع أوضح أنه لا تجوز المشاركة في المسابقات الشعرية التي تعتمد على تصويت المشاهدين. وقال ل«الحياة»: «لا تجوز المشاركة في المسابقات الشعرية التي تعتمد على تصويت المشاهدين إذا كان بثمن، وهذا يعتبر قماراً، ولا سيما أن نسبة الاحتمال بالخسارة في المسابقة هي الأكثر». ونشرت رأي المفتي العام للمملكة في المسابقات الشعرية، إذ قال: «يجب ألا ندخل في مسابقات شعرية كلها جاهلية، تؤصل الأحقاد في النفوس وتنشئ الفتنة والحقد والكراهية في نفوس الصغار قبل الكبار، وتولد الحقد والكراهية بين القبائل، وهي من المسابقات الجاهلية، ويجب ألا تكون بيننا».