بعد مضي خمسة أعوام على انطلاقة المسابقات الشعرية، أصبحت لا تغري الشعراء للمشاركة فيها، كونها فقدت كثيراً من بريقها ووهجها الأول، وبدأت تسير في طريق «الزوال». وولدت فكرة المسابقات الشعرية في عام 2007 ببرنامج «شاعر المليون»، الذي تبثه قناة «أبو ظبي»، إذ جذب الأنظار، وخطف المشاهدين لمتابعته، لكن نتائجه لم ترضِ عدداً كبيراً من السعوديين، الذين اعتبروا تلك النتيجة سمة من سمات المسابقات، لكن البرنامج كرر عناده معهم في النسخة الثانية، حينما حرم الشاعر السعودي ناصر الفراعنة لقب البرنامج، وهذا ما أثار غضبهم، ودفعهم إلى إنشاء حملة مقاطعة للبرنامج. ولم يلقِ القائمون على «شاعر المليون» اهتماماً لمقاطعة السعوديين له، وأطلق نسخته الثالثة، ورفعوا جوائزه إلى 22 مليون درهم، وحقق لقبها شاعر سعودي، بعد وصول خمسة شعراء من المملكة إلى الحلقة النهائية، إذ إن تلك النتيجة لم تعد السعوديين إلى البرنامج، وجاءت النسخة الرابعة، التي لم تختلف كثيراً عن الثالثة، من حيث المتابعة. وفي النسخة الأخيرة من البرنامج، التي اختتمت الأسبوع الماضي، وفاز بلقبها شاعر إماراتي، كانت أشبه بالغائبة عن المتابعة في السعودية، لا سيما أنها شهدت تغييرات عدة، لم تشفع لها بإعادة وهجها في النسختين الأولى والثانية. ومنذ ظهور «شاعر المليون»، أطلق عدد من أصحاب القنوات الشعبية مسابقات شعرية غير «موفقة»، كونها تفتقد للعمل المهني، الذي ظهر به البرنامج الإماراتي، وكذلك نتائجها حملت «المحاباة» فيها لأقارب أصحاب تلك القنوات. ومعظم مسابقات القنوات الشعبية ألغت التصويت من آلياتها، لكنها فشلت في تحقيق نتائج عادلة للمتسابقين، وخسرت متابعة من المشاهدين، على رغم تكرار عدد من تلك القنوات إدراج المسابقات في برامجها. والمسابقات الشعرية طغت بشكل كبير خلال الأعوام الماضية، حتى أنها اتهمت بإثارة النعرات القبلية، والمناطقية، ما جعل علماء دين، واختصاصيون يتطرقون لآثارها السلبية على المجتمع، وأبرزهم المفتي العام للسعودية عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الذي رأى أنها من «الجاهلية التي تؤصّل الأحقاد في النفوس». وقال: «يجب ألا ندخل في مسابقات شعرية كلها جاهلية، تؤصل الأحقاد في النفوس، وتنشئ الفتنة والحقد والكراهية في نفوس الصغار قبل الكبار، وتولد الحقد والكراهية بين القبائل». ويرى عدد من الشعراء أن المسابقات الشعرية بدأت تختفي من الوجود الإعلامي، لكن البديل عنها غير معروف حتى الآن، متمنين ظهور برامج تقدم الشعر بطريقة مميزة تحفظ للشاعر مكانته، من دون أن تستنزف جيبه.