أظهر استطلاع للرأي في الولاياتالمتحدة، تراجع ثقة الأميركيين بالسياسة الخارجية لبلادهم وتراجع ريادتها عالمياً، في ظل تنامي نزعة انعزالية لدى كثيرين منهم بعد عثرات الحروب وضعف أداء ادارة الرئيس باراك أوباما في ملفات شرق أوسطية بينها سورية. وعكس الاستطلاع اعتقاد غالبية الأميركيين للمرة الأولى منذ أربعين سنة، بأن الدور الأميركي يتراجع، فيما أعرب 70 في المئة عن اعتقادهم بأن الاحترام لبلادهم ينحسر في الخارج. وشكل الاستطلاع خيبة أمل لأوباما الذي أمل لدى وصوله الى الرئاسة عام 2008 بالتخلص من إرث سلفه جورج بوش وتحسين سمعة بلاده في الخارج، لكن الاستطلاع الذي أعدّه معهد «بيو» للبحوث بيّن ان معظم الأميركيين يعتبرون ان بلادهم تفقد من نفوذها وتمارس سلطة أقل في العالم. وأجري الاستطلاع بين 23 تشرين الأول (اكتوبر) والسادس من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أي قبل الاتفاق المرحلي مع إيران. واعتبر 53 في المئة من المستطلعين، ان الولاياتالمتحدة تؤدي دوراً أقل أهمية وقوة على صعيد العالم، منه قبل عقد. وهذه النسبة أعلى ب12 نقطة مما كانت عليه في العام 2009 لدى وصول أوباما للرئاسة، وهي زادت اكثر من مرتين مقارنة بما كانت عليه في عام 2004 خلال عهد بوش. ورأى نحو 70 في المئة ان قدر الاحترام للولايات المتحدة في العالم، تراجع وبلغ الى مستويات شبيهة بما كان عليه نهاية الولاية الثانية لبوش (71 في المئة). وأبدى 56 في المئة معارضتهم لسياسة أوباما الخارجية، في مقابل تأييد 34 في المئة. ولفت المعهد الى ان «الأميركيين لا يوافقون في شكل خاص على ادارة (أوباما) الوضع في سورية وايران والصين وافغانستان». لكن مكافحة الارهاب شكلت احد المجالات النادرة التي تفوق فيها نسبة المؤيدين لأداء اوباما، نسبة المعارضين له (51 في مقابل 44 في المئة). وعكست الأرقام نزعة انعزالية متزايدة لدى الأميركيين، ذلك انها المرة الأولى منذ نحو نصف قرن، يعتبر 52 في المئة منهم ان على الولاياتالمتحدة «الاهتمام بشؤونها الخاصة على الصعيد الدولي، وترك الدول الأخرى تدبّر أمورها بأفضل طريقة ممكنة»، في مقابل 38 في المئة يرون العكس. وأبدى 51 في المئة اقتناعاً بأن الولاياتالمتحدة تتحرّك «أكثر مما يجب» لمحاولة تسوية مشكلات العالم، وشددوا على وجوب ان تشكّل المسائل المحلية، خصوصاً الاقتصادية، اولوية للادارة. لكن 77 في المئة من المستطلَعين اعتبروا ان المبادلات والعلاقات التجارية مع البلدان الأخرى تبقى مفيدة لأميركا. وترافق نشر نتائج الاستطلاع مع زيارة جوزيف بايدن نائب الرئيس الأميركي للصين، في اطار محاولة واشنطن إحياء نفوذها في آسيا، الأمر الذي يشكل ركناً أساسياً في استراتيجية أوباما. غير أن هذا الأمر اصطدم بتفادي بكين مناقشة منطقة الدفاع الجوي التي اقامتها في بحر الصين، وإصرارها على توقع «تغييرات عميقة ومعقدة» في العالم.