حتى أعوام قليلة، لم تكن السعوديات يدخلن الفنادق إلا للسكن فيها، وربما لحضور مناسبة رسمية أو اجتماعية. وكانت الفنادق تخلو من العاملات السعوديات. غير أن العقد الأخير شهد توظيفاً «خجولاً» لعدد محدود من السعوديات في بعض الفنادق من فئتي الأربع والخمس نجوم. وتزايد العدد شيئاً فشيئاً في الأعوام الثلاثة الماضية، بعد أن اشترطت وزارة العمل على الفنادق سعودة وتأنيث نسبة من العاملين فيها. وعلى رغم تزايد العدد، إلا أن هناك عزوفاً نسبياً من الفتيات، عن العمل في الفنادق، مرده إلى النظرة السلبية في المجتمع لمن تعمل في مجال الفندقة، وخوفهن من فوات قطار الزواج، والالتحاق في صفوف «العوانس»، لعدم رغبة الشبان الاقتران بفتاة تعمل في فندق. إلا أنه يبدو أن هذه النظرة زالت أو خفت حدتها، بحسب ما تؤكد عاملات في فنادق. وقالت فوز الزهراني، وهي مديرة قسم تسويق في أحد فنادق مدينة الدمام، والتحقت بالعمل الفندقي منذ أعوام، ل «الحياة»: «حدث تغيير كبير في النظرة إلى العاملات في الفنادق إجمالاً، وفي الجانب الاجتماعي على وجه الخصوص، والسبب هو الالتزام وعدم التسيب»، لافتة إلى أن «وزارة العمل وضعت لائحة اشتراطات لعمل السعوديات في الفنادق. وهذا الأمر كان سبباً رئيساً في الحفاظ على الفتيات العاملات، وفي تغيير النظرة الاجتماعية لهن، ما أسهم في اختلاف النظرة كلياً وليس جزئياً». وأشارت الزهراني إلى أن العمل الفندقي أصبح «وسيلة الفتاة للتعرف على العالم الآخر. وربما أسهم لدى البعض في فتح طريقهن للزواج، بخلاف ما كان عليه الوضع في الأعوام الماضية تماماً»، مضيفة: «هي فرصة ليست للتعارف بين الجنسين، وإنما فرصة للكشف عن المشكلات ما قبل الزواج، فتصبح الفتاة أكثر معرفة بنفسية الرجل، وكيفية حل مشكلاتها معه، بحكم اختلاطهما في المجتمع. لأن العمل في الفنادق يتطلب مقابلة طبقات متنوعة من المجتمع وأذواق مختلفة، وهذه الخبرة تبلور فكر الفتاة، وتساعدها على معرفة أمور لم تكن ستعرفها وهي في منزل والدها». وتشاطرها الرأي منى باداوود، قائلة: «كان مجرد التفوه بكلمة موظفة في فندق، يتبادر إلى الذهن أن الفتاة غير سوية وذات سمعة غير جيدة، فنحن نعيش في مجتمع محافظ جداً. إلا أن النظرة اختلفت اليوم، لأن التعامل مع هذه الوظيفة أخذ بعين الاعتبار أموراً عدة، منها الحفاظ على كل ما يتعلق في بيئة العمل، والالتزام بالاشتراطات التي وضعتها وزارة العمل، خصوصاً فيما يتعلق في الاختلاط وآليات التعامل في العمل، وغيرها من التشريعات المتنوعة، التي أسهمت في قلب النظرة من دونية، إلى أخرى أكثر تقديراً للعاملة في الفندق». وتطرقت باداوود إلى قضية زواج العاملة في الفندق، لافتة إلى أنه «كانت غير المتزوجة هي من تعمل في الفنادق، الآن لم نسمع أي شيء من هذه الأقاويل، بل أصبحت فرص الزواج مميزة، كوننا تمكنا من تسلم مناصب قيادية وإدارات مختلفة، ورواتب بعضنا كبيرة قياساً بالرواتب الموجودة في سوق العمل». بدوره، وصف مدير التوظيف في أحد فنادق مدينة الخبر، توظيف السعوديات في أقسام متنوعة داخل الفنادق «فرصة ذهبية، لتحسين النظرة الاجتماعية إلى العاملات في الفنادق، وزيادة فرص توظيفهن في مسميات مختلفة، بالاتفاق مع وزارة العمل». وأوضح باسم النهاري، الذي يتولى إدارة قسم التوظيف في أحد الفنادق، ل «الحياة» أن «فرص توظيف السعوديات في الفنادق ارتفعت عن السابق وهذا أمر إيجابي، كما لوحظ انخفاض نسبة التسرب الوظيفي». وعزا السبب إلى «الارتقاء في مسميات الفتيات، وحصولهن على مناصب متنوعة، فأصبحت لدينا مشرفات ومسؤولات أقسام، وهذا الأمر تم بالتنسيق مع وزارة العمل». وأضاف النهاري: «لم تعد السعودية نادلة، كما يقول البعض، فما ينطبق على الرجل من اشتراطات التوظيف ينطبق عليها، لناحية الشهادة والخبرة، فأصبح لدينا مشرفة قسم الضيافة ومشرفة حماية ومسؤولة توظيف ومديرة موارد بشرية، ومسميات أخرى. كما أصبحن يسهمن في استقبال الوفود، والتحقن في دورات متنوعة في الحماية والأمن والسلامة والاستقبال والبروتوكولات». وأشار إلى أن هذا الأمر «أسهم في تحسين النظرة للعاملات غير المتزوجات، فالكثير من موظفاتنا عازبات، وبعد ارتباطهن لا نجد فارقاً كبيراً. فتبقى بحسب بنود العقد، ولا يتم إخلال في العقد، إلا ما ندر، ولأسباب خارجة عن الإرادة عادة».