أكدت مصادر حكومية لبنانية أن زيارة الرئيس تمام سلام على رأس وفد وزاري لدولة الإمارات العربية المتحدة ولقاءه مع كل من نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ووزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، كانت ناجحة على صعيد إعادة الحيوية للعلاقة بين البلدين، بعد فترة من الابتعاد من قبل الإمارات عن الاهتمام بأوضاع لبنان بدأت مع إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2011، رأت فيها الإمارات تحوّلاً سلبياً في الوضع اللبناني. وذكرت المصادر أنه نتيجة ذلك امتنعت الإمارات عن تعيين سفير لها بعد التطورات في لبنان في إطار التوترات الإقليمية، وأن اللقاءات التي أجراها سلام في دبي أول من أمس اتسمت بدرجات عالية من الود واتفق خلالها على مواصلة التنسيق وإعادة تنشيط العلاقة بين البلدين، خصوصاً أنهما يواجهان معاً أحداثاً خطيرة في المنطقة أبرزها الإرهاب الذي يضرب الاستقرار في دول الإقليم. وصححت المصادر الحكومية ل «الحياة» ما ذكر عن أن الشيخ محمد بن راشد وعد الرئيس سلام بتعيين سفير للإمارات في لبنان، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة اللبنانية طرح الموضوع وتمنى عودة السفير. وذكرت مصادر وزارية ل «الحياة» أن حقيقة الأمر أن مسؤولين إماراتيين كانوا أعربوا لبعض الوزراء الذين التقوهم على هامش زيارة سلام، عن نية أبو ظبي تعيين سفير جديد لها، لإعادة الحيوية للعلاقة، وأن الأمر لم يطرح خلال لقاء سلام والوفد الوزاري مع رئيس الوزراء الإماراتي الشيخ محمد بن راشد. كما أن المسؤولين الإماراتيين تحدثوا عن عودة تدريجية ستحصل لحيوية العلاقات بين الدولتين. وقالت المصادر الحكومية ل «الحياة» إن المسؤولين الإماراتيين لديهم أولوية أساسية وحيوية هي مواجهة الإرهاب وقدموا رؤيتهم لأوضاع المنطقة من هذه الزاوية، بعد أن شكر سلام دعم الإماراتللبنان في مواجهة عبء النازحين واحتضانها آلاف اللبنانيين، واستفسر الجانب الإماراتي عن قدرات لبنان على مواجهة موجة الإرهاب التي تتفشى في المنطقة، سياسياً وعسكرياً. وعلمت «الحياة» أن الرئيس سلام شرح للجانب الإماراتي ما قام به الجيش والقوى الأمنية حتى الآن في مواجهة احتمالات تمدد التنظيمات الإرهابية نحو لبنان ونجاحه في قطع الطريق على أي تواجد لها على الأراضي اللبنانية، مؤكداً أن الأهم هو أنه ليس هناك بيئة حاضنة للإرهاب في لبنان خلافاً لما كان عليه اعتقاد البعض قبل أحداث طرابلس وغيرها. وشدد سلام على أن السلطات اللبنانية نجحت حتى الآن في مواجهة هذا الخطر، مشيراً إلى أن إمكانات الجيش مع الدعم الذي يتلقاه من الدول الصديقة، لا سيما من المملكة العربية السعودية هي حتى الآن إمكانات دفاعية وليست هجومية وسنستمر في تعزيزها. وأوضحت المصادر أن المسؤولين في دولة الإمارات يعلقون أهمية قصوى على مواجهة الإرهاب، خصوصاً أنه سبق الزيارة بيوم إصدارهم لائحة طويلة بالتنظيمات التي يعتبرونها إرهابية. وجرى استكمال الحديث عن موضوع الإرهاب في مجال النقاش الذي جرى مع المسؤولين الإماراتيين عن الحرب السورية وتأثيرها على لبنان، وجرى التطرق هنا إلى سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة في البيان الوزاري واستمرار تدخل «حزب الله» في سورية، فأشار سلام إلى الحاجة إلى سد هذه الثغرة في تطبيق هذه السياسة وأنه ما زال يأمل ذلك ولو طال الأمر. وجاء ذلك أيضاً في إطار الحديث عن المشاكل التي يعانيها لبنان في ظل الشغور الرئاسي. واستنتجت المصادر الحكومية من قراءة قادة الإمارات للوضع العربي والإقليمي جملة انطباعات كالآتي: 1 - إن اعتقادهم بوجوب العمل على حل سياسي للأزمة السورية، في ظل غياب أي تصور دولي لهذا الحل دفع إلى مطالبة المسؤولين اللبنانيين بالإدلاء بدلوهم في هذا المجال «فأنتم لديكم عقول مبدعة في هذا المجال». وتمنوا تقديم اقتراحات في هذا المجال. 2 - إنهم يعلقون أهمية على مواجهة الإرهاب، ليس فقط من الناحية الأمنية، بل أيضاً من الناحية الإعلامية والفكرية، حيث شرح سلام التوجهات التي تركز عليها دار الفتوى في لبنان بعد انتخاب المفتي الشيخ عبداللطيف دريان وخطبه الأخيرة التي تشدد على الاعتدال والخطاب الديني البعيد من التطرف. وأوضح مصدر لبناني أن الإمارات تعوّل كثيراً على دور مصر في مواجهة الإرهاب، وعلى دور الأزهر فيها وفي نشر فكر الاعتدال والوسطية. ومن هنا الحرص على دعم مصر وتصديها للإرهاب، على كل الأصعدة. 3 - إن دولة الإمارات تعوّل أيضاً على التضامن الخليجي في مواجهة موجة الإرهاب، خصوصاً أن قادتها كانوا عائدين من لقاء القمة الخليجية لترميم العلاقة مع قطر، حيث فهم الجانب اللبناني أن النقاش كان صعباً مع الجانب القطري وأن قيادة الإمارات قبلت بتحسين العلاقة مع قطر على رغم الخلافات انطلاقاً من المراهنة على أن تعدل من سياستها التي يستفيد منها بعض الجهات المتطرفة والإرهابية، مستغلة الخلافات الخليجية، لعل إعادة سفيرها وسفيري السعودية والبحرين إلى الدوحة تسهم في الدفع نحو هذا التعديل.