دعت وزارات الخارجية القطرية والإماراتية والبحرينية رعاياها الى عدم السفر الى لبنان، والموجودين فيه الى مغادرته «حرصاً على أمنهم وسلامتهم». وسارع وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور بعد صدور الموقف عن قطر ودولة الإمارات الى التمني على «الإخوة المسؤولين في الدولتين إعادة النظر في هذين القرارين لأن الأوضاع في لبنان لا تستدعي من المسؤولين في البلدين الشقيقين اتخاذ مثل هذه القرارات». وأجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالات هاتفية عصر أمس بعدد من المسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي، مستوضحاً أسباب البيانات التي صدرت عن وزارات الخارجية في الدول الثلاث، بالطلب الى رعاياها مغادرة لبنان وعدم المجيء إليه. واستغرب ميقاتي «هذه الإجراءات» ورأى «أن لا مبرر عملياً لها، لأن الأوضاع الأمنية في لبنان جيدة والأحداث التي وقعت تمت معالجتها». وتمنى «على الدول الثلاث إعادة النظر في قراراتها»، مرحباً ب «كل الوافدين الى لبنان، لا سيما منهم الأخوة العرب». وأجرى ميقاتي اتصالاً بالوزير منصور، الموجود في الدوحة، وطلب منه متابعة الموضوع مع السلطات القطرية. وكانت وزارة الخارجية القطرية دعت، صباح أمس، بلسان مصدر مسؤول فيها، كل رعاياها «إلى عدم السفر إلى لبنان في الوقت الحالي حرصاً على أمنهم وسلامتهم». وعزا المصدر المسؤول الخطوة الى «الأوضاع الأمنية غير المستقرة في الجمهورية اللبنانية الشقيقة وما قد يترتب عليها من تداعيات». كما حض «المواطنين القطريين الموجودين في لبنان حالياً على المغادرة، وفي حال ضرورة بقائهم على الاتصال بسفارة دولة قطر في بيروت لإبلاغها بالأسماء ومقر الإقامة وكيفية الاتصال». ودعت وزارة الخارجية الإماراتية بعد الظهر مواطنيها «إلى عدم السفر إلى لبنان والمواطنين الإماراتيين الموجودين فيه إلى مغادرته بسبب الأوضاع الأمنية». ونقلت وكالة أنباء الإمارات (وام) عن مدير إدارة شؤون المواطنين في وزارة الخارجية السفير عيسى عبدالله الكلباني أن بلاده دعت مواطنيها إلى «عدم السفر الى الجمهورية اللبنانية الشقيقة في الوقت الحالي نظراً الى توتر الأوضاع الأمنية فيها». وأوضح «أن هذا الإجراء يأتي انطلاقاً من حرص دولة الإمارات على سلامة رعاياها ومواطنيها»، كما دعا «المواطنين الموجودين حالياً في لبنان إلى المغادرة، وفي حال ضرورة بقائهم في لبنان الاتصال بسفارة الدولة في بيروت لمعرفة أماكن أقامتهم ووسيلة الاتصال بهم». وقال الوزير منصور بعد الموقفين القطري والإماراتي «إن الإخوة القطريين والإماراتيين شأنهم شأن الأخوة العرب لهم مكانة خاصة في قلوب اللبنانيين، وأن وشائج الإخوة والقربى التي تربط لبنان بهم اكبر من أي حادث عرضي وعابر، وهم بالتالي مرحب بهم في لبنان في أي وقت لأنهم في نهاية الأمر في بلدهم الثاني الذي يحتضنهم مثلما يحتضن مواطنيه». وعصراً صدر قرار الخارجية البحرينية بدعوة مواطنيها الى عدم السفر الى لبنان نظراً الى ما تشهده تلك البلاد من أوضاع أمنية غير مستقرة. ودعت الموجودين حالياً في لبنان الى المغادرة حالاً أو الابتعاد من المناطق غير الآمنة والاتصاف بسفارة البحرين في الأردن في حال حدوث أي طارئ، بحسب وكالة الأنباء البحرينية «نبا». ولم تستبعد مصادر لبنانية رسمية، على صلة ببعض مسؤولي دولة خليجية أخرى، أن تحذو هذه الدول حذو الإمارات وقطر والبحرين. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن مسؤولاً قطرياً كان تحدث الاثنين الماضي مطولاً على الهاتف مع الوزير منصور وأبدى امتعاضه من توقيف المواطن القطري عبدالعزيز خليفة عطية من قبل الأمن العام في إطار التحقيقات التي أجراها مع الأردني عبدالملك يوسف عثمان عبدالسلام الذي أفادت تسريبات بأنه على صلة بتنظيم «القاعدة» وأكد لمنصور أن عطية معروف ولا علاقة له ب «القاعدة» أو بأي تنظيمات مشابهة. وذكر مصدر عربي ل «الحياة» الثلثاء الماضي أن الاتهامات التي وُجهت الى عطية تركيبة بأسلوب بات معروفاً من وراءه وأن هذا يسيء الى علاقات لبنان مع دولة قطر. وتبلّغ الوزير منصور الموقف نفسه من المسؤول القطري الذي بدا غاضباً في حديثه مع وزير الخارجية، الذي أطلع كبار المسؤولين وبعض الوزراء الأربعاء الماضي على هامش جلسة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان على الأمر. يذكر أن المواطن القطري عطية، الذي كان يمضي فترة نقاهة في فندق الحبتور في بيروت بعد عملية زرع كلية، عند توقيفه، غادر بيروت عصر أول من أمس بعد أن رفع القضاء العسكري قرار منع السفر بحقه. أما بالنسبة الى قرار دولة الإمارات دعوتها رعاياها الى عدم السفر الى لبنان وطلبها من الموجودين فيه مغادرته، فقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن المسؤولين فيها أبدوا امتعاضهم في اتصالات أجروها قبل أيام مع بعض المسؤولين والأصدقاء في لبنان، من السياسة التي تتبعها الحكومة. وأضافت المصادر رداً على سؤال ل «الحياة»: «هناك تراكمات وقلق من السياسة المتبعة وهناك شعور بعدم الثقة، ثم جاء اتهام دولة قطر والمملكة العربية السعودية من قبل الحكومة السورية عبر رسالة مندوبها الى الأممالمتحدة بشار الجعفري، بتمويل عمليات تهريب أسلحة ليرفع منسوب القلق لدى الدول الخليجية». ولم يستبعد المصدر أن تكر سبحة المواقف الخليجية للتعبير عن الموقف نفسه. وقال مصدر ديبلوماسي خليجي ل «الحياة» إن بلاده «تدرس الأوضاع وستتخذ قراراً في الوقت المناسب، إذا شعرنا بخوف على مواطنينا وأنه لا مصلحة لهم بالبقاء في لبنان». وفيما لم تذكر البيانات القطرية والإماراتية والبحرينية الوضع الأمني في طرابلس وما سبقه ورافقه من ملابسات وتوقيفات فإن الأوساط المتابعة تربط بين هذا الوضع المتوتر في عاصمة الشمال وانعكاساته وخلفيته وبين قرارات الدول الخليجية الثلاث. وعلّق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على قراري قطر والإمارات فحمّل مسؤوليتهما للأكثرية في الحكومة اللبنانية «وبالأخص وزير الدفاع وبعض المسؤولين الأمنيين الذين قاموا في الأيام الأخيرة بخطوات غير محسوبة ومتسرعة وتشوبها عيوب قانونية ومن دون أي دراسة لنتائجها، خصوصاً لجهة الإصرار على التضليل والتأكيد على انتشار تنظيم القاعدة في لبنان وإدلاء هؤلاء بتصريحات متتالية تصور لبنان كأنه مأوى للإرهابيين».