كلما قدمت رشا شربتجي مسلسلاً، استطاع أن يكون تلك الموجة العالية في المحيط، التي تحفر عميقاً أو تثير جدالاً كما في «تخت شرقي» أو «الولادة من الخاصرة». تتميز المخرجة السورية، بدقة اختيارها النصوص، وبتأنٍ كبير في حياكته بالعدسة، الأمر الذي دفع بعضهم إلى زعم أن إخراجها يستغرق وقتاً أكثر من اللازم، وهو ما ترد عليه في مقابلة ل «الحياة»، مؤكدة أن لها «منهجية في الإخراج، تتيح إنجاز عمل جيّد في وقت محدد». تقول: «لا أصوّر كل مشهد من زوايا عدة، بل أولّف المشهد في رأسي، أقطعه، ومن بعدها أصوّره لأخدم إيقاع المشهد وإيقاع الممثل، ولأشعر المشاهد بأنه يعيش معنا في المكان ذاته». وتشير إلى أن «75 يوم تصوير لعمل مؤلف من ثلاثين حلقة ليس بالجهد البطيء أبداً، بخاصة أنني أقدم أعمالاً تدخل الى بيت المشاهد من دون ان تخدعه وتستغله». وتضيف: «لست من المخرجين التجاريين الذي يخرجون عملاً سريعاً، ومن يريد ان يقدم عملاً يحترم المتلقي يأتي اليّ، ومن يريد تقديم عمل تجاري يعرف جيداً أن مكانه ليس عندي». وإلى جانب كونها إحدى المخرجات الإناث القليلات في سورية، تحمل رشا «مسؤولية» أكبر في المهنة، بسبب اسم ابيها المخرج هشام شربتجي. وتصرّ على عدم تسميته «زميل» عند سؤالها عنه، هو برأيها «الأستاذ الذي ما زلت حتى اليوم أتعلم الإخراج من خبرته وحضوره وكاميرته وسخريته ومن كل لحظة أجلس فيها معه». وترجع إليه الفضل الكبير بما وصلت إليه اليوم، كاشفةً عن أحد تفاصيل مهنتها: «كنت أتهرب في أعمالي الأولى من التوقيع باسمي الثلاثيّ، خوفاً من أن أسيء إلى إسم أبي، لكنني اليوم أوقع باسمي كاملاً رشا هشام شربتجي بعد إدراكي أني عند حسن ظنه». تدور عدسة شربتجي في لبنان، لتصوير عملها العربيّ المشترك «علاقات خاصة» من كتابة نور شيشكلي، وانتاج شركة «أونلاين» ، مع نخبة من النجوم المصريين والسوريين واللبنانيين. وتؤكد أنها في العمل تظهر نماذج وبيئات مجتمعية عدة، والمرأة فيه مختلفة جداً. عن ذلك تقول: «أرغب في اظهار كل رمشة عين عند كل امرأة، كم لها معنى وكيف توصل احساساً محدداً وكبيراً». وفي هذا السياق، تلفت شربتجي الى أهمية الأعمال المشتركة، «إن لم تكن مفبركة طبعاً، وهو ما عملنا جاهداً عليه في «علاقات خاصة»، إذ ربطنا الخطوط الدرامية بشكل جيّد، لنصنع دراما منطقية وليس فقط ممتعة». ولشربتجي ميزة، تجعلها من الأقدر على تقديم هذا النوع من الأعمال، فهي مولودة من أمّ مصريّة وأب سوريّ، أي «لا مشكلة في الحوار»، بسبب إتقانها الجيّد للهجتين، مشيرةً الى تركيزها على اللهجة جيداً أثناء التصوير. وتوضح: «ألحظ من نغمة الصوت اذا كان الحوار عفوياً أو متصنعاً». وفي هذا الإطار، تجد شربتجي، صاحبة الخبرة الإخراجية في كل من مصر وسورية والخليج ولبنان، تشابهاً كبيراً في الدراما السورية والمصرية من حيث الإحترافية والتاريخ الطويل والعريق، مشيرةً إلى أن الدراما السورية لم تبارح مكانها منذ بدء الأزمة، «الحمد لله أننا ما زلنا قادرين على تقديم دراما جيدة، أرفع القبعة لكل شخص تمكّن من تصوير ولو مشهد درامي واحد على تراب سورية، وأشكره لأنه يصنع شيئاً مشرفاً في زمن الحرب». شربتجي الحريصة على متابعة دراما وطنها، تلفت إلى «استمتاعها بتميز «قلم حمرة» من إخراج حاتم علي وكتابة يم مشهدي التي قدمت لها نص «تخت شرقي»، العمل «الأحب على قلب» شربتجي. وتفصح انها تحضر في أجندتها، لمسلسل «رق الحبيب» من كتابة عبد المجيد حيدر وفادي زيفا. في سياق آخر، تعبّر شربتجي عن استمتاعها بالعمل خليجياً، بعدما قدمت «وش رجعك»، بخاصةً أنّ «الدراما الخليجية ما زالت بكراً» وترى ان «ممثليها أوراقهم بيض، لذا يمكن تقديم أشياء جديدة من خلالهم». أمّا لبنان، فتتوقع له شربتجي مستقبلاً درامياً زاهراً، لأنه يمتلك كل المواصفات من أماكن تصوير واختلاف جنسيات الكوادر الفنيّة وانفتاح كبير على الغرب، ما يتيح له أن يجمع دراما كل الدول العربية. وتختم: «هنا لا نشعر بأننا نقوم بفبركة أي عمل عربيّ أبداً. بيروت، ستصبح قريباً هوليوود العالم العربيّ».