تضافرت رغبة 24 سيدة في التدرب على الصناعات اليدوية والحرف التراثية في المملكة، ومبادرة هيئة السياحة والآثار للمحافظة عليها والتثقيف حولها، وغيرة أحد رجال الأعمال على تلك الصناعات، الذي وفر مقراً وحافلات للنقل، لتتمكن تلك السيدات من الدخول في برنامج تدريبي في مدينة الرياض لمزاولة بعض الصناعات اليدوية كالتطريز والنسيج والخياطة ونظم الخرز والعقود، تحت إشراف المشروع الوطني لتنمية الحرف والصناعات اليدوية (بارع). وأوضح مدير «بارع» المهندس سعيد القحطاني أن برنامج تدريب الحرفيات في مدينة الرياض الذي سيستغرق ثلاثة أشهر يأتي ضمن مبادرات الهيئة العامة للسياحة والآثار التي نفذت في عدد من المناطق بهدف «تدريب النشء على الحرف والصناعات اليدوية وتثقيفهم بأهميتها، إلى جانب تشجيع الحرفيات على المزيد من الإنتاج وتطوير منتجاتهن». وأضاف أن الحرفيات يتدربن على ست حرف يدوية هي النسيج (السدو) والخزف والخوصيات والخياطة والتطريز ونظم الخرز والعقود التراثية. وذكرت المصممة والإعلامية المتعاونة مع «بارع» جواهر الدهيم أنها تأمل بأن يسهم البرنامج في ابتكار منتجات تقليدية بصورة حديثة عالية الجودة تطرح للبيع في الأسواق، وأشارت إلى أن السائح يحرص على اقتناء هدايا تذكارية من البلاد التي يزورها. وقالت: «بعض السياح الذين يقصدون المواقع السياحية والأسواق في بلادنا للأسف قد لا يجدون ما يقتنونه من منتجاتنا التقليدية وتحفنا التراثية التي صنعتها أيدي أبنائنا». وتذكر مديرة «مجموعة الأوائل التراثية» أم سلامة أنها تقف على أعمال الحرفيات يساعدها في ذلك 10 مدربات، وأن همهن الأكبر تعليم البنات والأجيال القادمة تطوير صناعاتنا التقليدية والحفاظ على المنتج الوطني من الاندثار. وتلفت إلى أنه من خلال خبرتها في هذا الجانب، ومشاركاتها لعشر سنوات في مناسبات تراثية في الجنادرية ومركز الأمير سلمان الاجتماعي ونادي الأغر للفروسية بالحي الديبلوماسي، أن هناك حماسة من الفتيات لتعلم الحرف التقليدية. ومن الأعمال التي قدمنها، نسجت الحرفية أم عبدالله باستخدام النايلون على قطعة صوف أبياتاً تعلي من شأن التراث الوطني للشاعرة تذكار الخثلان: يقول المثل اللي قديم حفظناه.. اللي بلا أول فلا منه تالي وحنا الأوائل اسمنا لا عدمناه.. نرفع تراث المملكة فوق عالي ونذكر اللي قالوا إنا نسيناه.. ونحمي التراث من الخطر والزوال وتقوم «أم تركي» بسف الخوص لتنتج السلال وسفر الطعام والزنابيل والقفف والمكانس القديمة بأحجام وأشكال مختلفة، وتذكر أنها تقتنص الفرص للمشاركة في الأسواق الشعبية التي تقام على هامش بعض المناسبات كالمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» ورالي حائل، كما أنها تلقت دعوتين للمشاركة في فعاليات تراثية دولية في عمان وإيطاليا. وفيما تنهمك «أم بدر» في وضع تصاميم لخياطة الملابس التقليدية كالجلابيات والمسرح والمعورج والدقل والمرودن، تتولى «أم راكان» خياطة «اللحف والمطارح»، وتؤكد أن هذه المنتجات الصوفية خير ما يجلب الدفء في ليالي الشتاء الباردة. وذكر المهندس سعيد القحطاني أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تسعى للتعاون مع مصممات لمساعدة وتوجيه الحرفيات على تطوير منتجاتهن بما يتناسب مع طلبات المشترين، والتنسيق مع الغرفة التجارية الصناعية السعودية في الرياض لتعريف الوفود الزائرة بمكان مزاولة الحرف اليدوية لتسويق منتجاتهن، ولفت إلى توفير الهيئة للخامات ولوازم التدريب ومزاولة الصناعات اليدوية تشجيعاً للحرفيات.