لم يكن بندر السويد قبل قرابة أسبوعين سوى مغرّد منسي إلا من 400 متابع من أصدقائه وعدد ممن اختاروا متابعته في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». إلا أن مقطعاً فيديوياً أطلق من خلاله حملة «الضمة المجانية» (free hug) في العاصمة السعودية الرياض كان كافياً ليبلغ عدد المشاهدات على حسابه نحو 1.3 مليون (وفق ما ذكره) وليتجاوز عدد متابعيه 5.4 ألف قبل حذف حسابه. ولم يقتصر الاهتمام بالفتى السعودي على المملكة، بل تعداها إلى غير مكان في العالم بعدما تناقلت وسائل إعلام ومواقع إخبارية دولية خبراً مفاده أن السلطات السعودية اعتقلته. وبلغ عدد نتائج البحث عن جملة «Saudi free hug» عبر محرك البحث «غوغل» نحو 6.8 مليون نتيجة، غالبيتها في مواقع أجنبية تحدثت عن توقيف مبتكر الحملة. غير أن بندر السويد ما لبث أن ظهر في مقطع فيديو عبر موقع «keek» لينفي خبر اعتقاله من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مبيناً أن من قُبض عليهم هم عدد من الشبان الذين حاولوا تقليده، نافياً في الوقت ذاته أية مسؤولية له عن تصرفاتهم. يذكر أن فكرة ال «free hug» أطلقها في أستراليا قبل نحو عشرة أعوام مواطن أسترالي اختار لنفسه اسماً مستعاراً هو خوان مان. وبدأ مان حملة عناقه المجانية للمرة الأولى مطلع كانون الأول (ديسمبر) عام 2004، في «بيت ستريت مول» (وسط سيدني)، بعد شعوره بالاكتئاب والوحدة نتيجة عدد من الصعوبات الشخصية، على حد قوله. وتعتبر السعودية ثالث دولة عربية تصل إليها صرعة «العناق المجاني» على أيدي شبان متطوعين، بعد الأردن في عام 2007، حيث روجها شابان أردنيان أوقفتهما سلطات بلادهما بتهمة «التحرش بالإناث ومنحهن العناق وانتهاك القانون من خلال وجود لافتة كرتونية غير مصرح بها» (بحسب موقع ويكيبيديا). وانتقلت الفكرة إلى بيروت عام 2012، بعد أن طافت عدداً من العواصم العالمية. وأثارت صرعة «الحضن المجاني» في السعودية جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، انقسم المشاركون فيه بين مؤيد للفكرة ومعناها السامي لنشر المحبة والألفة بين المجتمع، ورافض لها جملة وتفصيلاً لاعتباره أنها تتعارض مع القيم الدينية والاجتماعية. وكتب المغرّد محمد القحطاني أن الطابع ذا النزعة المحافظة للشعب السعودي يتغيّر بطريقة بندر السويد. وقالت المغرّدة شورشتا العتيبي: «لو رأيتم شاباً أميركياً يفعل الأمر ذاته لاعتبرتموه ظريفاً، وإذا كان سعودياً تسبونه، الحياة حلوة بلا تخلف». وفي المقابل عبّرت المغردة زينة عن رفضها للفكرة: «صدق المصطفى عليه الصلاة والسلام حين قال لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه»، ووافقها في الاعتراض المغرّد حمودي الذي علق بعبارة: «ما شاء الله عليك مع الخيل يا شقرا... احضن أمك وأبوك أحسن لك وارسم الابتسامة على وجهيهما... الله يهديكم». ولم تقف حدود صرعة «الحضن المجاني» على حدود الرياض، بل انتقلت إلى عدد من المدن السعودية، إذ أوقفت السلطات الأمنية في المدينةالمنورة حدثاً يقدم «الأحضان المجانية» في ممشى عام بالمنطقة.