فتحت لجنة تعديل الدستور المصري أمس الباب لتعديل «خريطة الطريق» التي عُزل بمقتضاها الرئيس السابق محمد مرسي، فيما شهدت الأوضاع الميدانية تصعيداً لافتاً بعدما تمكن طلاب «الإخوان المسلمين» من الوصول إلى ميدان التحرير للمرة الأولى منذ عزل مرسي، قبل أن تواجههم الشرطة وتطاردهم بقنابل الغاز. وأكملت لجنة الخمسين التصويت على مواد الدستور أمس، ومرت عملية الاقتراع على غالبية المواد بسلاسة، باستثناء أربع مواد تتعلق بمراحل «خريطة الطريق» والنظام الانتخابي وتخصيص حصص نيابية لفئات محددة. وأجيزت غالبية المواد بشبه إجماع، بما في ذلك المواد المتعلقة بالجيش، خصوصاً محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري (41 موافقة من أصل 49 مشاركاً) والمادة الانتقالية التي تُلزم الرئيس لفترتين رئاسيتين بأخذ موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع (43 موافقة واعتراضان). وأعيد النقاش في شأن المادة 229 التي تحدد النظام المختلط لإجراء انتخابات البرلمان والتي لم تحظ إلا بموافقة 25 عضواً، والمادة 230 التي تضع الجدول الزمني للمرحلة الانتقالية بإجراء الانتخابات البرلمانية عقب تمرير الدستور وبعدها الرئاسيات، والمادتين 243 و244 المتعلقتين بإلزام الدولة العمل على تمثيل ملائم لفئات محددة. وعقب الانتهاء من تمرير مواد الدستور، جرت جلسة مغلقة أعيد فيها النقاش في شأن تلك المواد قبل أن تعود اللجنة للتصويت عليها في ساعة متقدمة من مساء أمس. وبعد تلويح برفض الدستور بسبب صياغة تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، أبدى حزب «النور» السلفي رضاه عن المسودة. ووصف رئيسه يونس مخيون التعديلات الدستورية بأنها «مرضية في مجملها»، لكنه أشار إلى أن القرار النهائي سيحسم فور اعتماد المسودة، فيما انتقد «تحالف دعم الشرعية» بقيادة «الإخوان» مسودة الدستور ووصفها ب «الوثيقة السوداء». وكانت قوات الشرطة فضت تجمعاً لطلاب «الإخوان» في ميدان التحرير وسط القاهرة باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، بعد تظاهرات عنيفة في الجامعات هي الأكبر منذ بدء العام الدراسي في أيلول (سبتمبر) الماضي، احتجاجاً على مقتل طالب في جامعة القاهرة في اشتباكات مع الشرطة الخميس الماضي. وكانت اتحادات طالبية في كليات عدة نسقت لتنظيم فعاليات احتجاجية كبرى في جامعة القاهرة أمس للمطالبة بالقصاص للطالب القتيل، كما نظمت حركة «طلاب ضد الانقلاب» التابعة لجماعة «الإخوان» تظاهرات في جامعات الأزهر وعين شمس والإسكندرية. وتجمع أكثر من ألفي طلاب داخل حرم جامعة القاهرة، وهتفوا ضد الشرطة والجيش، وسط خلافات بين الطلاب إزاء رفع أنصار مرسي شعار «رابعة». ورفع الطلاب لافتات كتبوا عليها شعارات ضد وزارة الداخلية. وخرجت حشودهم إلى الشارع وأوقفت حركة المرور قبل أن تنسحب قوات الجيش والشرطة من ميدان النهضة المواجه لجامعة القاهرة، ليتظاهر فيه الطلاب للمرة الأولى منذ فض اعتصام أنصار مرسي فيه منتصف آب (أغسطس) الماضي. وأحرق طلاب سيارة للشرطة وسط هتافات ضد الجيش. وانطلق مئات الطلاب في مسيرة من أمام جامعة القاهرة إلى ميدان التحرير، كانت غالبية المشاركين فيها من طلاب «الإخوان» الذين رفعوا شعارات «رابعة» وسجدوا عند مداخل الميدان ورفع بعضهم صوراً لمرسي. ولم تتصدَ قوات الشرطة للمتظاهرين خلال المسيرة التي جابت ميدان التحرير وهتف المشاركون فيها ضد السيسي وتأييداً لمرسي. وخلا الميدان من أي تواجد أمني، وسط تدفق المتظاهرين من جهة جسر قصر النيل، لكن قوات الشرطة بدأت بعد نحو ساعة من بدء الفعالية في تطويق الميدان من مختلف الاتجاهات، قبل أن تمطر المتظاهرين بقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وأغلقت آليات الجيش الميدان من كل الاتجاهات. ثم بدأت الامن في مطاردة المتظاهرين في الشوارع الجانبية، وفضت تجمعاً في ميدان طلعت حرب القريب من التحرير باستخدام قنابل الغاز.