في وقت كثفت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر دعواتها لتنفيذ «إضراب مدني» غداً يعتمد على تعطيل وسائل النقل في القاهرة عبر التكدس فيها طوال ساعات النهار، طغى مشهد الاشتباكات بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي من جهة والأهالي وقوات الشرطة من جهة أخرى على تظاهرات محدودة نظمها أنصار مرسي أمس، كان أكثرها حدة في السويسوالاسكندرية، فيما كانت التظاهرات الأكبر في حي مدينة نصر في شرق القاهرة، حيث احتشد آلاف من مؤيدي «الإخوان» أمام مسجد السلام، ورفعوا صوراً لمرسي وإشارات «رابعة»، وهتفوا ضد الجيش وقائده العام الفريق أول عبدالفتاح السيسي. وغالباً ما تتحول التظاهرات الصغيرة ل «الإخوان» إلى اشتباكات، إذ أن مشاركة أعداد محدودة في التظاهرة يُغري معارضي مرسي بالهجوم عليها أو رفع شعارات مضادة تؤيد السيسي وتنتقد «الإخوان» ما يسبب مناوشات بين الطرفين عادة ما تتحول إلى اشتباكات واسعة النطاق وكر وفر، وأحياناً تتدخل قوات الشرطة لفضها بعد توقيف عدد من أنصار مرسي. وتظاهر آلاف من أنصار مرسي في حي مدينة نصر بعدما تجمعت مسيرات خرجت من مساجد عدة بعد صلاة الجمعة أمام مسجد السلام، وطافت تلك المسيرات شوارع رئيسة في مدينة نصر قرب ميدان «رابعة العدوية» الذي انتشرت قوات الشرطة والجيش بكثافة حوله تحسباً لمحاولة «الإخوان» التظاهر فيه، فيما انتشرت قوات أخرى قرب وزارة الدفاع في حي كوبري القبة، لكنها لم تغلق الطرق المؤدية إلى الوزارة، كما فتحت القوات ميدان التحرير أمام حركة المرور طوال ساعات النهار، ما يشير إلى أن الأجهزة الأمنية لم تعد ترى في تظاهرات «الإخوان» خطراً يستدعي غلق الطرق والميادين الرئيسة كما كان الحال عقب عزل مرسي في 3 تموز (يوليو) الماضي. وتجمع مئات من أنصار مرسي في شارع الميرغني قرب قصر الاتحادية الرئاسي، ورددوا هتافات تطالب بعودته إلى الرئاسة. وأغلقت قوات الأمن الطرق المؤدية إلى القصر كافة بالأسلاك الشائكة لمنع المتظاهرين من الوصول إليه. ووقعت اشتباكات محدودة بين «الإخوان» من جهة ومعارضيهم والأمن من جهة أخرى في مناطق مختلفة في العاصمة، منها حي المعادي وشارع السودان، إذ تبادل أنصار مرسي ومعارضوه الرشق بالحجارة بعدما رفع كلا الجمعين شعارات مناهضة للآخر، واستدعت الاشتباكات في حي المعادي تدخل قوات الشرطة التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود والسيطرة على الاشتباكات، وألقت القبض على عدد من أنصار مرسي. وأطلقت الشرطة الرصاص في الهواء لتفريق حشد من أنصار مرسي تمكن من أسر ضابط في الشرطة خلال مسيرة في شارع أحمد عرابي في المهندسين، وتدخلت قوات كبيرة من الشرطة لتخليص الضابط من أيدي «الإخوان»، وطاردت بعدها المتظاهرين في الشوارع الجانبية. وفي المحافظات كانت الاشتباكات أكثر حدة، خصوصاً في السويس التي شهدت تبادل إطلاق النيران بين أنصار مرسي ومعارضيه في ميدان الأربعين الرئيس، ما أسقط جرحى بعضهم في حال الخطر. وتدخلت قوات الشرطة للسيطرة على الموقف وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود واعتقلت عدداً من أنصار مرسي. وفي الاسكندرية، اتسع نطاق الاشتباكات بين «الإخوان» ومعارضيهم، فتكررت المواجهات بين الطرفين في ميداني سيدي جابر وسيدي بشر، على رغم التعزيزات الأمنية التي طوقتهما، كما وقعت مواجهات في منطقة سبورتنغ إضافة إلى مواجهات متفرقة على طول الكورنيش. وتدخلت قوات الشرطة وطاردت أنصار مرسي في الشوارع الجانبية في سيدي جابر، وعززت من تواجدها لتمشيط الكورنيش وتفريق أية حشود. وأطلقت قوات الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع في أكثر من منطقة في الاسكندرية لوقف الاشتباكات. ومنع مصلون أنصار مرسي من التظاهر في ساحة مسجد القائد إبراهيم في المدينة، وتجمعوا فيها ورفعوا صوراً للسيسي، ورددوا هتافات مؤيدة للجيش. واندلعت اشتباكات عنيفة بين «الإخوان» ومعارضيهم في مدينة أبو حمص في محافظة البحيرة في الدلتا استخدمت فيها طلقات الخرطوش وزجاجات حارقة، وتحول قلب المدينة إلى ساحة كر وفر بين الطرفين إلى أن تدخلت قوات الشرطة وفرقت الحشود باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع. كما خرج أنصار مرسي في محافظات عدة ولكن مسيراتهم كانت محدودة وشارك في بعضها العشرات. في المقابل، تظاهر مئات تأييداً للجيش في القاهرة أمام مقر اتحاد الإذاعة والتلفزيون في وسط العاصمة وأمام نصب الجندي المجهول في مدينة نصر وفي محافظات عدة. من جهة أخرى، اخترقت سيارتان مكمنين أمنيين في منطقة المرج شرق القاهرة وأطلقتا النار عشوائياً على القوات، فقتلت مواطناً وأصابت جندياً. وتمكنت الشرطة من ضبط شخصين من المهاجمين. وفي سيناء، انفجرت عبوة ناسفة في حافلة جنود تابعة للأمن المركزي في رفح أثناء نقل عشرات الجنود تقلهم ثلاث حافلات في حماية مدرعة تابعة للجيش. وزرع مجهولون العبوة التي انفجرت لحظة مرور الحافلة، لكنها لم تسبب خسائر بشرية. من جهة أخرى، أمر المستشار هشام بركات النائب العام بحبس ستة متهمين من كوادر وأعضاء «الإخوان» أبرزهم الناطق باسم الجماعة جهاد الحداد لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات في اتهامهم ب «الاشتراك في ارتكاب جرائم قتل والتحريض عليها وبث دعايات كاذبة في الداخل والخارج من شأنها المساس بالسلم والأمن العام والانضمام إلى جماعة إرهابية». كما أمر النائب العام بحبس متهمين أحدهما فلسطيني لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات التي تجري معهما لحيازتهما أجهزة بث فضائي وتشفير وتصوير غير مرخصة لقناة «الجزيرة مباشر مصر».