اعترف أستاذ الأدب الحديث في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ورئيس نادي جدة الأدبي السابق الدكتور عبدالمحسن القحطاني بأنه قدّم رِجْلاً وأخّر أخرى، عندما فكر بإلقاء محاضرة عن «النخلة الرمز في الشعر العربي السعودي» في نادي «القصيم» الأدبي (الأربعاء) الماضي، كما أعلن خجله من أن يطلب من أهل «القصيم» إكرام «النخلة» التي وصفها بالوطن والأم والشيء الذي يلجأ إليه الإنسان بعد الله جل وعز في صيفه وشتائه بقوله: «أكرموا أمكم»، إلا أن ذلك لم يفت على أستاذ الثقافة في كلية الشريعة بجامعة القصيم الدكتور عبدالحليم العبداللطيف، الذي علّق في مداخلته على المحاضرة باستبدال المثل الشهير، «كجالب التمر إلى هجر» إلى «كجالب التمر إلى القصيم»، مؤكداً اهتمام أهل «القصيم» بالنخيل وعنايتهم بها، ليس كمًّا بل نوعاً، ف«أطفئ المصباح فقد طلع الصباح». أما رئيس نادي القصيم الأدبي الدكتور حمد السويلم الذي قدّم المحاضرة، فاختار أن يطلق عليها «مسامرة ثقافية» تتناول «النخلة»، من خلال تجليها في الأعمال الشعرية، وكان متحدثها الرئيس الدكتور عبدالمحسن القحطاني، الذي عده علماً من أعلام النقد والفكر في السعودية. واستهل القحطاني الحديث بقوله إنه توجس خيفة ألا يجد ما يطمئنه، باعتباره ناقداً وباحثاً عن حضور النخلة في الشعر السعودي، وأن غيابها يثير التساؤلات، «لأن بعض الشعراء السعوديين لم يعيشوا تحت (النخلة) في طفولتهم ومراهقتهم وحتى أصبحوا شباباً، ولم يقرأوها في مدونة شعر العرب القديمة»، ولكنه استدرك لاحقاً أنه وجد كثيراً من شعراء السعودية لاعبوا النخلة وداعبوها وامتزجوا معها. ولا يظن القحطاني أن الشاعر السعودي كان بخيلاً مع النخلة في نصوصه الشعرية، بل كان محتفياً بها كما أخيه العراقي أو البحريني، مبيناً أنه لم يضع حتى الآن موازنة بين شعراء الخليج والسعودية والعراق في تناولهم النخلة، كونه يعكف حالياً على تسجيل الشعر السعودي في «النخلة»، ويدرس ما فيه من ظواهر قدر الإمكان. ورأى أن للنخلة رائحة تختلف عن بقية الأشجار الأخرى، وأنها ذات مكانة عالية في الديانات كافة. وعرّج على بعض النصوص الشعرية التي تطرّق أصحابها إلى النخلة في مواضع مختلفة، فشاعرة العراق تسمت ب«نخلة العراق»، وتسمت سعاد الصباح ب«شاعرة الخليج»، كما جاءت عناوين وكتب تحمل مسميات للنخلة أو أجزاء منها، مثل ديوان أحمد الحربي «تقاسيم على جذع نخلة الوادي»، وكتاب إبراهيم الجريفاني «قلباً من خوص»، وعلى رغم عدم تطرقه للنخلة إلا أنه وضع معادلة بين ضعف «القلب» وهشاشة «الخوص»، ومن الشعراء عبدالله الوشمي «أغنية النخل»، وخالد الخنيني «أغاني النخيل». ويأتي بعض شعراء من منطقة القصيم ومن المنطقة الشرقية، «إذ نرى صالح الوشمي يقول: «النخل والساقية»، وكذلك ما قاله جاسم الصحيح في قصيدة نثرية منها «كلما رأيت الصحراء صحت يا وطني... وكلما رأيت النخلة صحت مرتين»، وهذا يدل على أن النخلة دائماً تلامس قصيدة الوطن. ويضيف القحطاني: «أنه كلما وجد النخلة في نص من النصوص أعطته رمزاً من الرموز، فهي الوطن والأم والشجرة الوحيدة التي إن قُطع رأسها تموت، وهي تشبه الإنسان في هذه الصفة».