تسير الولاياتالمتحدة على خيط رفيع في تعاملها مع الأزمة السورية - العراقية التي كانت حاضرة على جدول أعمال نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن خلال زيارته هذا الأسبوع إلى بغداد. وعلمت «الحياة» من مصادر موثوق بها أن الخارجية الأميركية عقدت اجتماعاً ديبلوماسياً مع الجانب السوري أخيراً في واشنطن، للاستماع إلى وجهة النظر السورية حول الأزمة. وتهدف الجهود الأميركية إلى التوفيق بين اعطاء الدعم السياسي لرئيس الوزراء نوري المالكي من جهة، واحتواء الخلاف في شكل لا يهدد التعاون الأمني والاستخباراتي السوري أو «نتائج فعلية» المرجوة من دمشق من جهة ثانية. وإذ جاءت زيارة بايدن المكلف من الرئيس الأميركي إدارة الملف العراقي، في خضم الأزمة السورية - العراقية، تؤكد مصادر أميركية موثوق بها أنها «روتينية»، لكنها تطرقت «حكماً إلى الخلاف» بين دمشق وبغداد. ويقول مسؤول أميركي ل "الحياة" إن موقف واشنطن ثابت في دعوته الجانبين العراقي والسوري إلى حل المسائل الخلافية «عبر الحوار والتعاون الأمني المشترك»، فيما تعكس أجواء الادارة الأميركية حذراً في التعاطي مع هذا الملف وبسبب تداخل مصالحها وهدفها في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في العراق مع الجانبين. وعلمت «الحياة» أن اجتماعاً عُقد في الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي حضره مسؤولون أميركيون يتعاطون مع الملف العراقي (بينهم السفير الأميركي لدى بغداد كريستوفر هيل)، وديبلوماسيون من السفارة السورية في واشنطن على رأسهم السفير عماد مصطفى. وأكدت المصادر أن الهدف من الاجتماع كان «الاستماع إلى وجهة النظر السورية» وحرص خلاله الجانب الأميركي على عدم توجيه أصابع الاتهام لأي طرف، بل السعي إلى تهدئة الأجواء وتنفيس الاحتقان السائد. وتجنبت واشنطن اتهام أي جهة بالوقوف خلف اعتدءات 19 آب (أغسطس) الماضي، والتي أشعلت الأزمة بين الجانبين، في وقت اتجهت تصريحات السفير الأميركي لدى العراق كريستوفر هيل وفي شهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي الى تحميل المسؤولية ضمناً لتنظيم «القاعدة». ومن هنا التباعد الأميركي - العراقي في قراءة هذه التطورات، ومع اقتناع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في البيت الأبيض والخارجية بأن «المالكي ذهب بعيداً في تصريحاته وفي لهجته التصعيدية ضد دمشق». واذ تعزو مصادر هذه اللهجة الى الموسم الانتخابي العراقي، وخصوصاً أن الانتخابات التشريعية هي في كانون الثاني (يناير) المقبل، والتي يبقى فيها المالكي الشريك الأقوى للأميركيين، تفسر بعض الأوساط المطلعة ما يجري بأنه انزعاج أطراف داخل الحكومة العراقية من التقارب الأميركي - السوري حول العراق، ونسفه بالخطاب الرسمي التصعيدي. ويؤكد مسؤول في الخارجية الأميركية ل "الحياة" أن الاجتماعات الأميركية مع القيادة السورية في الأشهر الماضية «كانت شاملة ... وفي بعض الأحيان وجدنا نقاط التقاء حول أهداف مشتركة. وهذا يشمل الرغبة في السلام الشامل والدائم وعراق مستقر وآمن». وأضاف المسؤول: «في الوقت الحاضر نتطلع الى أبعد من الحوار والى مساحات تعاون حقيقي»، ويشير الى أن «من المهم أن تتمكن الولاياتالمتحدة وسورية من التوصل إلى نتائج فعلية لهذا الحوار». وزار سورية منذ تسلم الرئيس باراك أوباما مقاليد الحكم، وفدان أميركيان، عسكري واستخباراتي، لإعادة التعاون في هذه المجالات. وتنقل مصادر مطلعة اشادة وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إي) بالدور السوري، وخصوصاً في تسهيل غارة 28 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، والتي استهدفت عناصر من تنظيم «القاعدة» داخل الأراضي السورية وعلى الحدود العراقية.