بينما يهنئ زعماء أقوى 20 دولة في العالم أنفسهم على خططهم لتعزيز النمو الاقتصادي، فإن النظرة المدققة لمقترحاتهم التي تتجاوز ال800 تكشف عن خليط من الإجراءات القديمة أو الغامضة أو التي من المستبعد تنفيذها. ونسبت أستراليا، البلد المضيف اجتماعَ المجموعة، لنفسها الفضل في جهد استغرق سنة لإقناع الأعضاء بتبني إصلاحات «إضافية» ستزيد تريليوني دولار إلى الاقتصاد العالمي وتخلق الملايين من الوظائف. وقال رئيس الوزراء توني آبوت إن الخطط ستجعل الكوكب بأسره «أفضل حالاً». لكن التوقعات ليست محل اتفاق. فقد قال ساكونغ إيل الذي ترأس اللجنة الرئاسية لقمة مجموعة العشرين في سيول عام 2010، والذي يدير معهد بحوث مستقلاً: «الأمر لا يعدو كونه تجميعاً للوائح أمنيات كل دولة». وأضاف إنه يتحول من دون مبادئ توجيهية صارمة للتنفيذ إلى «منتدى آخر للحوار وفرصة أخرى لالتقاط الصور». يذكر أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قامت بمحاولة جريئة عندما قالت إن الإصلاحات التي تقع في حوالى 620 صفحة، قد تضيف 2.1 نقطة مئوية إلى الناتج الاقتصادي العالمي بحلول عام 2018 في حال تطبيقها، لكنها أقرت أيضاً بوجود «درجة عالية من الضبابية». وكانت مقترحات أستراليا ذاتها محل نقاش للمرة الأولى خلال انتخابات عامة منذ سنة، وبعضها عالق في البرلمان ومن المستبعد أن يبقى في شكله الحالي. أما الولاياتالمتحدة صاحبة ثاني أصغر مقترح، إذ لا يزيد على 15 صفحة، فاستهلته برفع سقف الإنفاق الحكومي وهو إجراء اتخذته بالفعل في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. ومعظم المقترحات الباقية تتطلب موافقة الكونغرس وهو افتراض متفائل بعد أن أصبح مجلساه تحت سيطرة الجمهوريين، خصوم الرئيس باراك أوباما. وأحد تلك الإجراءات هو إصلاح شامل لنظام الهجرة يرفضه الجمهوريون بشدة حتى إن أوباما قد يضطر لإصدار مرسوم تنفيذي لإقراره ولو كحزمة جزئية. وتتضح الصورة أكثر بمشاركة كوريا الجنوبية التي تتضمن اقتراحاتها 114 إجراء موزعاً على 33 بنداً في 30 صفحة، كلها تكرار لما أعلنته الحكومة منذ تعيين وزير المال الحالي في تموز (يوليو). كما تمثل معظم التزامات بكين في تكرار خطط المرحلة الثالثة من الإصلاحات، في حين ترجع المقترحات الرئيسة لإندونيسيا حول تمويل البنية التحتية إلى أواخر العام الماضي. ويظهر تحليل أجرته وكالة «رويترز»، أن حكومات ألمانياوبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا لم تقدم أية التزامات جديدة. ولا مؤشر جديداً إلى إنفاق إضافي في الاتحاد الأوروبي. فخطط الاستثمار الألمانية للعام المقبل لا تزيد على 0.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولن تسجل الموازنة عجزاً للمرة الأولى منذ العام 1969، حيث تقرر تشديد السياسة المالية بدلاً من تيسيرها لتنشيط النمو. وتقوضت مقترحات اليابان على الفور تقريباً عندما أظهرت البيانات عودة اقتصاد البلاد إلى الركود، ما قد يدفع رئيس الوزراء شينزو آبي إلى تأجيل زيادة مثيرة للجدل في ضريبة المبيعات، والدعوة إلى انتخابات مبكرة. ولم تبدُ بريطانيا منسجمة تماماً مع رسالة الأمل التي بعث بها اجتماع مجموعة العشرين. فما إن اختتمت القمة أعمالها حتى كتب رئيس الوزراء ديفيد كامرون في صحيفة «غارديان» أن «مصابيح الإنذار الحمراء تضيء مجدداً على لوحة عدادات الاقتصاد العالمي». وقال: «عندما التقيت قادة العالم في اجتماع مجموعة العشرين في بريزبين، كانت المشاكل واضحة للعيان». وعلق بعضهم قائلاً: «ربما فاتته المذكرة المتعلقة بأهمية تعزيز الثقة العالمية».