واشنطن، براغ، وارسو، بروكسيل - أ ف ب، رويترز، يو بي آي - اعلن رئيس الوزراء التشيخي يان فيشر أمس، ان الرئيس الأميركي باراك اوباما ابلغه في اتصال هاتفي اجراه معه ان واشنطن عدلت عن مشروع نصب الدرع المضادة للصواريخ في اوروبا الشرقية، والذي وتر العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في ظل اصرار ادارته على ضرورة المشروع لمواجهة البرنامج الصاروخي الإيراني. وأكد فيشر ان تشيخيا تبلغت القرار، فيما اعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية جيف موريل ان واشنطن ستدخل «تعديلاً كبيراً وتحسيناً على نظام الدرع المضادة للصواريخ في تشيخيا وبولندا»، علماً ان وفدين اميركيين التقيا أمس مسؤولين بولنديين في وارسو وآخرين في الحلف الأطلسي (ناتو) لمناقشة الموضوع. وأوضح فيشر ان القرار لن يغير مقاربة الولاياتالمتحدة للاتفاقات حول التعاون العلمي مع براغ، علماً ان خطة الدرع الأميركية في تشيخياً شملت نصب رادار فائق التطور في منطقة بيردي العسكرية التي تبعد مسافة 90 كيلومتراً عن العاصمة التشيخية براغ، ونشر عشر قاذفات صواريخ اعتراضية وبطارية صواريخ ارض - جو من طراز «باتريوت» في بولندا لحماية الولاياتالمتحدة وحلفائها الأوروبيين من صواريخ يمكن ان تطلقها دول مثل إيران. وتحدد موعد نشر المنظومة بحلول العام 2012 بتكلفة مقدارها نحو بليون دولار. وكشفت مجلة «وول ستريت جورنال» التي نشرت تقريراً افاد بأن إدارة أوباما قررت تعليق الخطة، في تغيير عن سياسات الإدارة السابقة، ان الولاياتالمتحدة ستستند في قرارها إلى اقتناعها بأن البرنامج الصاروخي الإيراني لا يتقدم بالسرعة التي جرى تقديرها سابقاً، «ما يقلل من التهديد للقارة الأميركية والعواصم الأوروبية الرئيسة الحليفة لواشنطن». ولاحقاً، صرح الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية موريل بأن نظام الدرع المضادة للصواريخ «استند الى تقويم يقول ان ايران مصممة على تطوير برنامج لصواريخ بعيدة المدى، لكن معلومات استخباراتية اخيرة تلقتها الإدارة افادت بأن الإيرانيين باتوا يركزون اكثر على تطوير قدرات الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى». وشدد على ان التغيرات التي سيعلنها البيت الأبيض في شأن الدرع الصاروخية «لا علاقة لها بروسيا» التي تعارض المشروع، علماً ان المكتب الصحافي لوزارة الخارجية الروسية اكد ان القرار الأميركي «يتوافق مع مصالح علاقاتنا مع الولاياتالمتحدة، ويلتزم بإعلان اوباما خلال القمة الروسية - الأميركية التي عقدت في موسكو في تموز (يوليو) الماضي نية بلاده الانتهاء من درس خطط لنشر عناصر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا. واستمرت الدراسة التي امر بها اوباما 60 يوماً. وقال مسؤول اميركي في مجال الدفاع ان واشنطن «باتت تبتعد عن مفهوم درع كبيرة مضادة للصواريخ، ونصب رادار كبير، وسيتماشى اكثر مع الواقع». كذلك اشارت «وول ستريت جورنال» الى إن تقويم إدارة أوباما سيأمر بالانتقال إلى تطوير دفاعات صاروخية إقليمية في أوروبا تعتبر أقل إثارة للجدل، لكنها توقعت ان تترك الإدارة «خيار إعادة إطلاق النظام في بولندا وتشيخيا مفتوحاً تحسباً لإحراز إيران تقدم في المستقبل في صواريخها البعيدة المدى». وفيما اعتبرت الصحيفة ان تخلي واشنطن عن خطط الدرع الصاروخية سيثير قلق دول شرق أوروبا من أن تأتي جهود الولاياتالمتحدة لتحسين علاقاتها مع روسيا على حسابها، صرح الكسندر زيغلو، مسؤول مكتب الأمن القومي التابع للرئاسة البولندية عبر قناة «تي في ان 24»، بأن تخلي الولاياتالمتحدة عن المشروع الدرع «اخفاق سياسي لإدارة اوباما في اوروبا الوسطى». وأشار الى ان اهداف مشروع الدرع المضادة للصواريخ لم تكن عسكرية فقط، بل ابعاد «سياسية واستراتيجية» في اوروبا الوسطى ايضاً. وتوقع الحلف الأطلسي علاقات أوثق مع الولاياتالمتحدة لتطوير أنظمة مضادة للصواريخ لكنه لم يعلق على تجميد واشنطن خطط نشر الدرع شرق أوروبا. وقال الأمين العام للحلف اندرس فو راسموسن: «انطباعي الواضح أن الخطط الأميركية في شأن الدفاع الصاروخي ستشرك الحلف بدرجة أكبر في المستقبل في ما يتعلق ببناء دفاع صاروخي، وهو ما يتناسب مع مبدأ التضامن داخل الحلف وأمن أوروبا غير القابل للتقسيم، علماً ان تحقيق تكامل أوثق في شأن الدفاع الصاروخي يشكل خطوة ايجابية تصب في مصلحة حلفائنا الشرقيين داخل الحلف الأطلسي».