بعد مفاوضات شاقة دامت خمسة أسابيع، وشهرين على فوز الائتلاف المسيحي الألماني في الانتخابات النيابية، توصلت رئيسة الائتلاف المستشارة أنغيلا مركل في ختام جلسة استمرت 17 ساعة، إلى برنامج حكومي مشترك مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي المعارض، يمهّد لتشكيل حكومة مسيحية – اشتراكية ستكون الثالثة التي ترأسها مركل. وأعلنت المستشارة في مؤتمر صحافي مع حليفها رئيس الحزب المسيحي البافاري هورست زيهوفر ورئيس الحزب الاشتراكي الديموقراطي زيغمار غابرييل، أن «التحالف الكبير» هدفه إنجاز «مهمات ضخمة في البلاد وأوروبا». وشددت على أن «ما وعدنا به ناخبينا سنلتزم به»، مشيرة إلى أن تعهد الامتناع عن رفع الضرائب تحقّق في الاتفاق، عكس ما طالب به الاشتراكيون لتحسين البنى التحتية ومستوى التعليم. ورأى غابرييل أن أمام الائتلاف الحكومي مهمات ضخمة جداً، في مقدمها داخلياً التحول إلى الطاقة البديلة، ما «سيفتح الطريق أمام تحولات مماثلة في العالم». وأضاف أن إعادة الاستقرار إلى أوروبا وإحيائها بعد الأزمة المالية «مهمة ضخمة أيضاً، ويجب أن تكون رسالة واضحة لكل مناهض للوحدة الأوروبية». وإذا كان مؤكداً أن يوافق المؤتمر الحزبي المسيحي على الاتفاق، ليس معروفاً كيف سيصوّت أعضاء الحزب الاشتراكي ال 442 ألفاً عليه الشهر المقبل. واذا نال الاتفاق موافقة الاشتراكيين، يُتوقع أن تُنتخب مركل رئيسة لحكومة «التحالف الكبير» في البرلمان الاتحادي «بونستاغ» في 17 الشهر المقبل. وستضم الحكومة العتيدة ثمانية وزراء للائتلاف المسيحي وستة للاشتراكيين. وأجمعت وسائل الإعلام الالمانية على أن الائتلاف المسيحي قدّم تنازلات ضخمة تساهم في تبديد تحفظات أعضاء الحزب الاشتراكي إزاء التحالف، إثر التجربة المرة لحزبهم في حكومة «التحالف الكبير» مع مركل بين 2005 و2009. ويتضمن البرنامج الحكومي المشترك موافقة المسيحيين، للمرة الأولى في تاريخ المانيا، على تحديد حد أدنى للأجور مقداره 8.5 يورو للساعة يبدأ عام 2015، على أن يُسمح باستثناءات حتى العام 2017. وكان الحزب الاشتراكي جعل من تبني هذا المطلب الأساسي في برنامجه الانتخابي، شرطاً ضرورياً لأي اتفاق ائتلافي. كما حقق الحزب مكسباً اجتماعياً آخر، اذ اتُفِق على خطة لتحسين رواتب التقاعد لأصحاب الأجور المتدنية وربات المنازل، وإمكان التقاعد في عمر 63 سنة، بدل 67 سنة، لمَنْ عملوا 45 سنة. كما تمكّن من انتزاع جزء من مطلب القبول بالجنسية المزدوجة للمهاجرين، إذ وافق المسيحيون على اعطائها إلى أطفالهم المولودين في ألمانيا.