هو غضب يحضر للمرة الأولى، على الأقل ضد مدرب لم يخسر حتى الساعة أية مباراة رسمية، بعد رحلة الأشهر ال22 نجح الإسباني كارو لوبيز في تحقيق ما لم يحققه سواه، حين وحد رأي الشارع الرياضي السعودي، الذي شقه التعصب عاماً تلو آخر، لتتفق الجماهير على مطالبها برحيله. إن فاز، غاب المستوى، وإن خسر أو تعادل «ودياً» تناثرت علامات الاستفهام عن أسباب بقائه لتملأ المكان، هكذا يبدو المشهد بعد كل مباراة ل«الأخضر»، لم يعد من الممكن في ما يبدو أن يكسب هذا المدرب ثقة أحد، وحتى الأصوات القليلة التي تطالب ببقائه باتت جزءاً من المشكلة لا طريقاً نحو الحل، الغريب في مشهد الانفعال ضد المدرب الإسباني، هو قدرته على إخراج الأطراف الملزمة بالحياد عن طورها لتطرح ومن دون تردد رأيها المنفعل. بعد خروج المنتخب السعودي من مباراته الأولى في كأس الخليج متعادلاً بهدف لمثله، وما أن انتقلت الكاميرا إلى الاستوديو التحليلي حتى وجه مقدمه عبدالله الفقير جملة من الانتقادات إلى لوبيز قبل أن يفتح المجال لضيوفه، الذين لم يذهبوا برأيهم بعيداً، فيما يأتي المقدمون عادة بمعزل عن الرأي، لكن القاعدة لا تنطبق على كل ما يتعلق بلوبيز، فالأمر لم يكن حكراً على القناة «السعودية الرياضية» بل انعكس على جل المواد التلفزيونية في القنوات المختلفة الناقلة للمنافسات، إذ يلاحظ المتابع اتفاق جل المحللين في قناتي «بي إن سبورتس» و«الكأس» على رأيهم المعارض للنهج الفني لمدرب المنتخب. المعلقون لم يكونوا بعيدين عن إبداء آرائهم، وإن حضرت مقنعة، معلق لقاء المنتخب السعودي بنظيره اليمني فهد العتيبي كرر في أكثر من مرة اسمي المهاجم نايف هزازي ولاعب الوسط يحيى الشهري مستغرباً رفض المدرب الاستعانة بهما في التشكيل الأساسي. الرئيس العام لرعاية الشباب والذي رفض في أكثر من مرة التعليق على الكثير مما يمر به اتحاد كرة القدم السعودي، لم يتخذ الموقف ذاته في قضية لوبيز، إذ علق على الأمر حين سئل عن رأيه في المدرب فقال: «وجهة نظري في لوبيز أوضحتها في وقت سابق لرئيس الاتحاد أحمد عيد ليس من الناحية الفنية فقط، بل وفي قيمة التعاقد معه مادياً، والاتحاد السعودي متمثل بأحمد عيد وبقية المجلس، هم أصحاب القرار كما أن الوقت الحالي ليس وقت انتقاد وسيكون هناك تقويم شامل للمنتخب بعد كأس الخليج، كما أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب لا يمكن أن تتدخل في عمل الاتحاد السعودي، فالوضع لم يكن كما كان في السابق فالمسؤول الأول والأخير عن بقاء المدرب أو رحيله هو الاتحاد السعودي». حديث الرئيس العام لرعاية الشباب يكشف بوضوح وقوفه في الصف المعارض لبقاء المدرب الإسباني، فيما يتجنب أعضاء الاتحاد السعودي التعليق على الموقف الحالي، مجددين غير مرة الثقة به، وهي الظاهرة الطبيعية، إذا ما أرادوا منحه مساحة للعمل. خلال 22 شهراً بعد رحيل الهولندي فرانك ريكارد بعد تجربة سيئة فنياً ونتائجياً، تدحرج مدرب المنتخب السعودي البديل كارو لوبيز وسط كرة من الثلج تغذت على الغضب الجماهيري ليكبر حجمها يوماً بعد آخر حتى أضحت بحجم جبل، واليوم لا يكفي أي انتصار حتى وإن جلب البطولة الخليجية على تفجير تلك الكرة، ما يؤكد أن الشارع الرياضي بات قريباً جداً من توديع المدرب الحالي، وأن القائمين على المنتخب بدأوا فعلاً بدرس خيارات البدلاء المتاحين في الفترة الحالية.