ربما لم نعرف الضجيج إلا في رحلة التعاقد معه، لكنه ما إن وصل إلى مقر عمله، حتى تلمسنا الفشل بصمت، غرور أجبره غير مرة على ترك مقر عمله، ورحلات مكوكية تأتي به ليتصدر الواجهة، لكنه ما يلبث أن يختفي من جديد، وباستثناء صور تظهره على دكة البدلاء كان من الصعب التيقن بأنه المدرب الرسمي للمنتخب السعودي. هكذا مضت رحلة المدرب الهولندي السابق فرانك ريكارد مع المنتخب السعودي خلال 13 مباراة ودية، لم تعرف خلالها الجماهير أكثر من ثلاثة انتصارات على حساب تايلاند (تصفيات كأس العالم)، والكويت (كأس العرب)، واليمن (خليجي 21)، فيما تعادل المنتخب أربع مرات وخسر في ست. المحصلة النهائية كانت الخروج من كأس العرب ومن كأس الخليج وبطولة غرب آسيا، وخسارة فرصة التأهل لكأس العالم 2014 في البرازيل. الإحباط الذي خلفه ريكارد غلف أجواء الشارع الرياضي، ففقدت الجماهير ثقتها بقدرة اللاعبين على استعادة الأمجاد، وبالتالي تبنت لغة ساخرة في تعليقها على «الأخضر»، وباتت الأندية أكثر قوة في مواقفها ضد المنتخب، والمحصلة النهائية سقوط جماعي قدم على طبق هولندي فاخر تكبدت لأجله الرياضة السعودية الملايين. من المشهد الخلفي ومن دون ضوضاء المفاوضات والأخبار العالمية منح الاتحاد السعودي لكرة القدم بقيادة أحمد عيد المدرب الإسباني لوبيز كارو بعد أن اقتصر دوره في البدايات على الاستشارات الفنية، القرار لم يلق القبول المنتظر في الشارع الرياضي، وخصوصاً أن «الأخضر» كان في حاجة إلى إعادة ضبط كاملة تضمن له استعادة شيء من بريقه. رفض لوبيز الظهور الإعلامي المتكرر، وبدأ يوضح رحلة التمسك بقناعاته، على رغم أن الجماهير والإعلام استقبلاه بما تبقى من الغضب الذي خلفه ريكارد، كل تلك الضغوط لم تلغ عزيمة المدرب الشاب، قناعاته الفنية التي خالفت في كثير من الأحيان آراء الشارع الرياضي، سببت الشرخ الأكبر في العلاقة بين الطرفين. لكن المدرب الإسباني أثبت من خلال النتائج أن العمل مرهون بعائده، لا بما يحكى عنه، واليوم تقول مسيرته مع «الأخضر» إنه لم يخسر في أي لقاء رسمي، ففاز أربع مرات ليضمن التأهل للبطولة القارية في أستراليا، قبل أن يتعادل أمس مع الصين، بعد أن كان خسر بطولة OSN الودية التي خلف السقوط فيها غضباً واضحاً، على رغم أنها بطولة ودية هدفها الوقوف على الأخطاء. وفيما يمتلك الشارع السعودي قناعة كاملة بأن التأهل للبطولة القارية لا يمثل طموحاً سعودياً، إلا النجاح في الفوز على الصين ذهاباً والتعادل إياباً إضافة إلى تخطي العراق بفوزين فإنه يعد مكسباً كبيراً وخصوصاً أننا انتظرنا أكثر من ستة أعوام قبل تحقيق أول فوز على «أسود الرافدين». لوبيز الصامت في أغلب الأوقات لم يستجدِ يوماً دعم الجماهير عبر أحاديث إعلامية، لكنه في المقابل ينتظر أن يستحق ذلك من خلال نتاج عمله، فهل تختفي الانتقادات مرة واحدة ويتفق الشارع الرياضي على قيمة هذا المدرب وقدرته على استعادة أمجاد «الأخضر». لكن لغة الانتقاد التي لازمت مسيرة ريكارد أو سبقتها، استقبلت المدرب الجديد كارو لوبيز، الذي أصر في بداياته على التزام الصمت وإثبات رغبته الحقيقية في تقديم وجه جديد لأحد أبرز المنتخبات الآسيوية. أشرف المدير الفني الهولندي ريكارد على قيادة المنتخب السعودي الأول في 13 مباراة رسمية فاز في ثلاث منها وتعادل في أربع وخسر ستاً في التصفيات الأولية المؤهلة لكأس العالم وكأس العرب وخليجي 21، وكانت البداية أمام المنتخب التايلاندي في تصفيات كأس العالم وكسبها الأخضر بثلاثة أهداف من دون رد، وفاز على الكويت برباعية نظيفه في كأس العرب، وفاز على اليمن في خليجي 21 بهدفين من دون رد. وتعادل الأخضر مع ريكارد في أربع مباريات، مع عُمان مرتين في التصفيات الأولية لكأس العالم بنتيجة سلبية، ومع تايلاند في تصفيات كأس العالم، كما تعادل مرة واحدة إيجابياً مع فلسطين في كأس العرب بهدفين لمثلهما. وخسر المنتخب السعودي مع ريكارد في ست مواجهات: أمام العراق مرتين في كأس العرب بهدف من دون رد، وفي خليجي 21 بهدفين من دون رد، كما خسر أمام الكويت في خليجي 21 بهدف من دون رد، وخسر أمام المنتخب الأسترالي في التصفيات الأولية لكأس العالم مرتين في الإياب بثلاثة أهداف في مقابل هدف، وفي الإياب بأربعة أهداف في مقابل هدفين.