أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    ولي العهد يستقبل ملك الأردن في قصر اليمامة    بثلاثية نظيفة نيوم يغرد بالصدارة    التواصل الحضاري يستعرض الحدود الرقمية الجديدة للمعلومات    مبادرة "إشراقة مجتمع" الصحية تجمع القصيم الصحي وأمانة القصيم    الجدعان يشارك في أسبوع الاقتصاد الكلي لمعهد بيترسون    وزير الصناعة والثروة المعدنية: نستهدف توطين صناعة ما يقارب من 200 دواء نوعي بالمملكة    المديرية العامة للجوازات تشارك في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى الصحة العالمي 2024    الخدمات الطبية بوزارة الداخلية والمركز الوطني للمعلومات الصحية بالمجلس الصحي السعودي يوقّعان اتفاقية تعاون    البدء بأعمال الصيانة لطريق الظهران -بقيق بطول 16 كلم الخميس المقبل    "التخصصي" في طليعة المؤسسات التي تعزز مكانة المملكة على خارطة السياحة العلاجية    استشهاد 20 فلسطينيًا في قصف للاحتلال الإسرائيلي على جباليا وبيت لاهيا    مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية توقع اتفاقية في الطب الرياضي    راتبه 48 مليوناً.. «مورينيو» يتناول يومياً بيتزا والآيس كريم    ارتفاع أسعار الذهب    بمجمع إرادة بالرياض.. 10 أوراق علمية تناقش الصحة النفسية في بيئة العمل الأحد المقبل    الرقابة البيئية على الأنشطة ذات الأثر البيئي ترتفع بأكثر من 8٪؜    انطلاق أعمال الحوار الحضاري لخطة التعاون 10+10 بين الجامعات الصينية والعربية في شانغهاي    "مفوض الإفتاء في جازان": القران والسنة تحث على تيسير الزواج    الأرصاد: الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    مغادرة الطائرة الإغاثية العاشرة للإغاثة الشعب اللبناني    أستراليا توقّع اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة بقيمة 7 مليارات دولار أسترالي    أمين التعاون الخليجي»: تصريحات خرازي تدخل سافر في شؤون الدول    أمير القصيم يدشّن مشروع "وقف الوالدين" الخيري في البدائع    الأحوال المدنية تشارك في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى الصحة العالمي 2024    كيف تثبت الجريمة قانونيا بمقطع فيديو؟    وزير الدفاع يبحث مع نظيره البريطاني المستجدات    نيوم يتغلّب على الصفا بثلاثية ويعزز صدارته لدوري يلو    سعود بن نايف يستقبل الشدي المتنازل عن قاتل ابنه    رئيس أرامكو يدعو لوضع خطة محدثة لتحوّل الطاقة تراعي احتياجات الدول    السجل العقاري يتيح الاطلاع على صكوك الملكية في «توكلنا»    هيئة الأفلام: ملتقى النقد السينمائي في الأحساء    سعود ينتظر الظهور الثالث مع روما في «الدوري الأوروبي»    شُخصت به في أوج عطائها.. مديرة مدرسة تتحدى المرض وتحصد جائزة «التميز»    الصيف والشتاء.. في سماء أكتوبر    النصر يصطدم باستقلال طهران    5 مخاطر مؤكدة للمشروبات الغازية    ملتقى التميز المدرسي.. قفزة نوعية في قطاع التعليم !    المؤرخون العرب ونصرة الجغرافيا العربية    فاشية الديمقراطية!    مُلّاك الإبل والمهتمون: مزاد نجران للإبل يُعزز الموروث الثقافي    طريق السلام..أم الاستسلام؟    سمو وزير الدفاع ونظيره البريطاني يبحثان المستجدات والتنسيق المشترك    لكل زمن هيافته    "غير الربحي" تقنيات وقصص نجاح    اغتنام الفرص في زمن الكساد الاقتصادي    توطين قطاع الطاقة    المملكة تدين قصف منازل شمال قطاع غزة    بأمر خادم الحرمين الشريفين.. ترقية وتعيين (50) قاضياً بديوان المظالم    كن ممتناً    لو علمتم ما ينتظركم يا أصحاب البثوث    ختام مسابقة القرآن والسنة في إثيوبيا    زوّار جناح وزارة الداخلية يتفاعلون مع لوحة «ص ح ه» المتزامنة مع انطلاق فعاليات ملتقى الصحة العالمي 2024    ملتقى للنقد السينمائي في الأحساء    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد قاعدة الملك فهد الجوية المعين حديثًا    الأمير سعود بن مشعل يطّلع على وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    الرقابي يرفع شكره للقيادة لإقامة مسابقة حفظ القرآن في موريتانيا    الخيانة بئست البطانة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل مُسالم
نشر في الحياة يوم 18 - 11 - 2014

استوقفه شخص ما في الشارع، وسأله عن عنوان جهة حكومية، وقبل أن يُجيبه، شَعَر باضطرابه وارتسمت على ملاحمه علامات رعب، وفجأة أطلق ساقيه للرياح ناظراً إليه في هلع حتى اختفى، اعتقد أنه مجنون، أو ربما يُعاني من أزمة نفسية، وأكمل طريقه إلى مقر عمله.
رمقه عامل «الريسبشن» بنظرة ريبة لحظة دخوله، ولا حظ أن الزملاء غير طبيعيين، طرد هاجس الرجل المجنون في الشارع، ورسخ في عقله أن ما يحدث هلاوس، وأن الجميع بخير، وأنه أيضاً بخير.
ثوانٍ ولم يبق في الغرفة إلا هو، انسحب الزملاء، عاد مشهد الرجل المجنون ليُسَيطر على عقله، فطرده من جديد وأخرج من أحد الأدراج ملفات، وانهمك في واحد يجب أن ينجز اليوم، وبعد دقائق وجد رئيسه في العمل يقف على رأسه بصحبة آخر، ويبدو عليهما أيضاً خوف غامض، أكمل عمله وتجاهل وجودهما المريب، بعد قليل تشجع الرئيس وقال بارتباك: يمكنك الراحة اليوم، أنت إجازة.
فى المنزل تأكد أن رائحته طيبة، وأن ملابسه نظيفة وأن ملامحه لإنسان وليست لقرد أو كائن مخيف بعين واحدة، وأنه وسيم أيضاً بعد أن أطال لحيته قليلاً عن المعتاد، وتأكد كذلك من أوراقه الثبوتية، وأن اسمه كما هو، وصورته في البطاقة تتماثل مع التي في المرآة، إذن كل شيء كما هو، فماذا جرى لكل هؤلاء الأوغاد؟
تكرر الأمر نفسه في العمل في اليوم التالي، وانتهى أيضا ب: يُمكنك الراحة اليوم، أنت إجازة.
بالإضافة إلى أن سائق التاكسي أثناء توصيله كان مرتبكاً وخائفاً، وما إن ترجل من السيارة حتى زمجرت العربة وانطلقت كسهم ولم يتقاضَ السائق أجرته، فتأكد أن ثمة أموراً غامضة لا يدريها، أو أن هذه البقعة من العالم أصيبت بمرض عُضال.
بحث في دليل الهاتف عن رقم طبيب نفسي شهير، يشاهده مساء كل إثنين في برنامج فضائي عبر التلفزيون، وبالفعل حجز موعداً في مساء اليوم نفسه، وحاول قدر الإمكان التخفي، لكي لا تحدث الأفعال المريبة نفسها من الآخرين، حجب رأسه بغطاء يخفي جبهته، ويداري عينيه، ولف رقبته وأسفل ذقنه بشال، ولم يظهر منه إلا فمه وأنفه لدواعي الحديث والتنفس.
انتظر قليلاً على مقعد وثير، حتى سمحت له فتاة مريحة الملامح بالدخول إلى الطبيب، كان أنحف قليلاً من طلته الفضائية، ابتسم ومد يده للسلام بترحاب محسوب ودعاه إلى الجلوس قبالته.
تخفف الرجل من غطاء الرأس والشال، وألقى بهما على مقعد أمامه، فباغته الطبيب: هل أنت مُسَلّح؟
أجاب بذعر: بالطبع لا.
فقال الطبيب: إذن لماذا التخفي؟!
فشرح ما حدث ويحدث بالتفصيل، فقال الطبيب وقد بدا أقل هلعاً: هل لديك ميول فاشية؟ أجاب: لا. هل يروق لك النظر إلى الدماء؟ لا. هل تجيد تفخيخ السيارات؟ لا. هل لديك أقارب متطرفون؟ لا. فقال الطبيب بنفاد صبر: إذن لماذا تترك لحيتك هكذا؟ رد الرجل باستغراب: ما علاقة لحيتي بكل هذا الذي يحدث.
فقال الطبيب بما يشبه اليقين: لحيتك غير مهذبة، تنبئ من يراك أنك فاشي، وتحب مشاهدة الدماء، وتجيد تفخيخ السيارات، وقد يكون من بين أقاربك متطرفون.
أصيب الرجل بالوجوم واصفرَّ وجهه، وسأل، بعد أن ازدرد ريقه مرات: وما الحل يا دكتور؟
اكتسى وجه الطبيب بالجدية، وقال: تواظب على إزالتها كل يوم «على الناشف»، لمدة عام على الأقل، حتى يتأكد الجميع أن جروح وجهك وتقرحاته دليل تطهرك من ماضيك الإرهابي.
فزع الرجل، وقال: ليس لدي أي ماضٍ إرهابي، ولست مضطراً إلى نفي تصورات متخيلة وغير حقيقية لدى الآخرين، كما أننى لا أعتقد السوء فيهم لمجرد بضع شعيرات ناتئة أسفل وجه أحدهم، كما أن هناك كُثراً ملتحون يا دكتور. فقال الطبيب بلا اكتراث وهو يعبث بأوراق أمامه بما يعني انتهاء وقت الكشف: هؤلاء مسالمون.
تأهب للانصراف، وأحكم التخفي مرة أخرى، وقبل أن يُغادر قال للطبيب بهدوء بعد أن تخيل أن إحدى عينيه «اليمنى» تحوي سمكة ميتة ومتعفنة منذ آلاف السنين: أود الآن قتلك أنت وكل من يعتقد بي ذلك، ولن أفعل، أتعرف لماذا؟ لأني مُسَالِم أيضاً يا دكتور.
في طريقه إلى بيته، اشترى فرشاة وألواناً حمراء، وقبل دخوله إلى شقته كتب على الباب من الخارج: أنا رجل مسالم، أرجوكم لا تزعجوني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.