أبدى سكان محافظات في المنطقة الشرقية، شهدت هطول أمطار «غزيرة» خلال الأيام الماضية، مخاوفهم من تبعات تجمعات المياه التي خلفتها الأمطار، مطالبين ب «سرعة سحبها، بعد أن أصبحت مرتعاً للحشرات وفرصة لتكاثرها». فيما حذر أطباء من الاقتراب من هذه التجمعات، الذي تعتبر «أماكن لظهور الأمراض»، وسط مخاوف من تفشي حالات «حمى الضنك». وبخاصة بين الأطفال الذين يلهو بعضهم في هذه المياه، غير مدركين لخطورتها على صحتهم. وذكر قاطنون في مدينة القطيف، أن «الأطفال يتدافعون للعب في تجمعات مياه الأمطار، على رغم خطورتها واحتمال تسببها في الإصابة بأمراض جلدية وتنفسية»، مطالبين بسرعة سحبها، «خوفاً من تحولها إلى بؤر للأمراض المنقولة، مثل حمى الضنك واللشمانيا». وأبدى منير علي، الذي يسكن في مدينة سيهات، مخاوفه من تجمعات المياه، التي تغطي معظم شوارع سيهات، على رغم توقف هطول الأمطار، منذ 5 أيام. وقال: «إن المياه تنتشر بكثافة في الأحياء السكنية، حتى تكاد تخفي معالم الشوارع، وتتسلل إلى البيوت». ولم يستبعد أن «تختلط بمياه الصرف الصحي، لتشكل كارثة بيئية وصحية». بدوره، قال اختصاصي الأمراض التنفسية الدكتور باسم الخمعلي، في تصريح إلى «الحياة»: «إن بقاء المياه في المساحات الفضاء يؤدي إلى خلق بيئة خصبة لتكاثر البعوض الناقل للأمراض، وانتشار حمى الضنك، وظهور الحشرات والزواحف والجرذان، وزيادة رقعة التلوث، بحسب ملاحظة مرصودة في دراسة أعدتها جمعيات مختصة في البيئة. إضافة إلى ظهور الحشرات الطائرة التي تصل إلى المنازل، لاسيما مع ارتفاع درجات الحرارة حالياً في ساعات الظهر»، لافتاً إلى أن هذه البيئة تُعد «الأنسب للحشرات وانتشارها بسرعة». وذكر الخمعلي، أن «المياه الراكدة تعد وسطاً خصباً لتكاثر الحشرات والبعوض الناقل للأمراض»، مؤكداً «خطورة هذه المياه على السكان المجاورين والمارة من طلبة المدارس وغيرهم، إضافة إلى المنظر غير الحضاري والروائح الكريهة التي تنبعث منها، وارتفاع نسبة الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي»، مشيراً إلى أن المياه الراكدة تتسبب في «نقل الأمراض المعدية والخطرة، مثل الكبد الوبائي، والضنك، والملاريا، من خلال النواقل التي تتوالد وتتكاثر في هذه البيئة، مثل البعوض والحشرات». وإذا كانت المنطقة الشرقية، لم تشهد منذ سنوات بعيدة ظهور حالات إصابة ب «الملاريا»، فإن الخمعلي، يحذر من انتشار هذا المرض، مؤكداً على «ضرورة القضاء على تجمعات مياه الأمطار بأقصى سرعة، والتنسيق بين مديرية الشؤون الصحية وأمانة المنطقة الشرقية، لنشر الوعي، وتجنب الوقوع في مشكلات بيئية، من خلال رش المناطق التي تتجمع بها المياه، وسرعة سحبها، وبخاصة في المناطق التي تكثر فيها مستنقعات المياه». وأشار إلى أن نسبة انتشار الأمراض الناجمة عن المياه الملوثة، «ترتفع بعد توقف هطول الأمطار بثلاثة أيام، إذ تصبح المياه بؤرة لتوالد البعوض والحشرات». فيما حذر أكاديميون مختصون في البيئة من الشرب من صنابير المياه، خوفاً من اختلاطها بمياه الأمطار. وقال الدكتور عزام عبدالرحمن، في تصريح إلى «الحياة»: «إن تسرب هذه المياه إلى الخزانات الأرضية في العمائر السكنية، وارد، وربما يكون أكيداً في حالات سقوط الأمطار بغزارة، لذا يفضل عدم شرب المياه من الصنابير، وفي حال استخدامها يجب غليها في درجة حرارة عالية». وحول انتشار الأمراض والأوبئة، وارتفاع حالات البكتيرية المعوية، ذكر عبدالرحمن، أنها «ناجمة عن جراثيم عالقة في الجو، لعدم التخلص من مياه الأمطار في بعض القرى والمحافظات»، مضيفاً أن «البيئة أصبحت الآن مناسبة لتكاثر البعوض والذباب والحشرات الدقيقة، التي لا ترى بالعين المجردة. ومكافحتها مسؤولية إدارة صحة البيئة والشؤون الصحية في المنطقة».