تجددت مخاوف أهالي منطقة الباحة من تفاقم معدلات الإصابة بحمى الوادي المتصدع، حمى الضنك، والملاريا، وغيرها من الأمراض التي تصاحب عادة موسم هطول الأمطار، نتيجة سلحفائية التحرك في اتجاه القضاء على مواطن تكاثر ناقلها. وبحسب الدكتور تيجاني عثمان موسى أستاذ الصحة العامة في جامعة الباحة فإن المياه الراكدة في البرك أو المستنقعات وغيرهما من المياه التي تتكون نتيجة هطول الأمطار، تعد مصدراً أساسياً لتوالد الحشرات، وبالتالي تتحول إلى عامل رئيس في تلوث مياه الشرب والأطعمة ما يزيد من حدوث الأمراض المعدية. وقال تيجاني ل «الحياة»: «إن المستنقعات المائية لا تشكل أية خطورة في يوم تجمعها الأول أو الثاني لأنها لم تبدأ فيها الحشرات طور دورتها العمرية. وأضاف أن ظروفاً مناخية كالتي في الباحة تحتاج فيها البعوض والذباب وغيرهما من الحشرات إلى أسبوع واحد فقط كي تتوالد، مبيناً أن لتراً واحداً من المياه الراكدة تنتج منه الآلاف من الحشرات ومن تلك الآلاف تتشكل مئات الآلاف من الحشرات مما يشكل كارثة حقيقية. وألمح إلى أن البعوض تنتج الأنثى الواحدة منه ما بين 100 إلى 250 بيضة، فيما تنتج أنثى الذباب الواحدة ما معدله 100 بيضة في الأسبوع الواحد، مرجعاً إليهما النسبة الأكبر في نقل الأمراض المعدية مثل حمى الضنك وحمى الوادي المتصدع والملاريا وأيضا مرض الفيلاريا الذي لا ينقله سوى بعوضة الأنفوليس، إلى جانب احتمالية نقل الأمراض الفايروسية مثل الحمى الصفراء والحمى النزفية التي تعرف علميا ب(AEDES). وشدد الدكتور التيجاني على ضرورة تصريف المياه الراكدة أو رشها بالمبيدات، منوهاً أن المبيدات الحشرية المتوافرة حالياً في الأسواق ليست مجدية، لأنها تؤدي إلى قتل الحشرات ذات الأطوار البالغة فقط، أما اليرقات الموجودة في المياه الراكدة فتحتاج إلى مبيدات للأطوار غير البالغة التي تعرف علميا ب(larvicid) وأفضل مبيد لمثل هذه الحشرات وأقلها ضرراً على صحة الإنسان هو مبيد عضوي فسفوري يعرف تجارياً ب(abate)، وهو فاعل جداً ونسبة خطورته على صحة الإنسان قليلة. وبين أن من ضمن الحلول لمثل تلك المستنقعات هو تحريكها، لأن ذلك يقتضي موت تلك اليرقات الموجودة في تلك المياه، نظرا إلى ضعفها، كما أن وضع زيوت السيارات المرتجعة هو حل فاعل لاتقاء الأضرار المحتملة من مثل تلك المستنقعات على اعتبار أنه يمنع وصول الأوكسجين إلى اليرقات الموجودة في المياه الراكدة. وحول المستنقعات الكبيرة مثل بحيرة الصرف الصحي المسماة ببحيرة «المسك» في جدة والتي قد توجد بها مواد عضوية، فإن الحل الناجع لها هو زراعة نوع معين من الأسماك داخلها يعرف باسم أسماك «الكامبوزيا» لأنها تتغذى على يرقات البعوض. من ناحيته، أكد المشرف العام على بلديات منطقة الباحة والناطق الإعلامي باسم أمانة الباحة المهندس منصور حربي الباهوت ل «الحياة» وجود فرق رش ميدانية تعمل على رش المستنقعات المائية فور هطول الأمطار وبعد هطولها، موضحاً أن فرق الرش الميدانية تتنوع ما بين فرق الرش بمركبات وفرق الرش «المرتجلة» عبر أفراد متخصصين في ذلك. وحول شكوى الكثير من أهالي المنطقة من انتشار البعوض والذباب بعد الأمطار الأخيرة بصورة كبيرة، بيّن الباهوت أن فرق الرش تجري جولات ميدانية يومية في المواقع المختلفة من المنطقة، مبيناً أن الفرق لا تستطيع تغطية كل المواقع بشكل يومي نظراً إلى تساع المنطقة. وألمح بأن وجود المستنقعات في الباحة يعتبر قليلا،ً نظراً إلى أن المنطقة تتمتع بتضاريس تسهل من عملية تصريف المياه وعدم تشكل مستنقعات كالتي تحدث في مناطق سعودية وغيرها.