حققت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، بالاتفاق المبرم في جنيف مع الدول الست المعنية بالملف النووي لطهران، اختراقاً ملموساً في محادثات شملت 19 جولة خلال السنوات العشر الماضية، ولم تنجح في التوصل إلى نتائج تحقّق مصالح جميع الأطراف المعنيين بهذا الملف. وبدا واضحاً شعور الإيرانيين بالرضا حيال الاتفاق والبشرى التي زفّها إليه روحاني في الساعات الأولى من صباح أمس، في رسالة للناخبين الذين صوّتوا له في انتخابات الرئاسة، إذ نجح خلال المئة يوم الأولى من ولايته، في تحقيق ما فشل غيره في إنجازه، ما يُحسب لمصلحة السياسة الناجحة التي انتهجتها حكومته، مستفيدة من دعم سياسي أمّنه النظام لها ولديبلوماسيتها التي قادها وزير الخارجية محمد جواد ظريف. لكن سؤالاً ما زال يدور في الأروقة السياسية: هل أن ما تحقّق يستحق مقارنته مع ما خسرته طهران خلال العقد الماضي، بسبب عقوبات اقتصادية وسياسية أضرّت بالوضع المعيشي للعائلات الإيرانية وبالتنمية في إيران؟ ربما يكون الجواب إيجاباً، تبسيطاً لما عانته إيران خلال الفترة الماضية، لكن نيلها اعتراف الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) أمر شديد الأهمية، إذ كانت تطالب باعتراف رسمي دولي ب «حقها في امتلاك الدورة الكاملة للتكنولوجيا النووية»، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي، ما يدخلها بامتياز نادي الدول النووية. وفي قراءة أولية لنص الاتفاق، يظهر أن جميع أطراف المفاوضات حققوا نجاحاً كانوا يسعون إليه. فالإيرانيون حققوا إنجاز اعتراف أعضاء مجلس الأمن بإنتاج الوقود النووي على أراضيهم، كما باتوا قادرين على التخصيب بنسبة 20 في المئة، أي أنهم طبّقوا النموذج الياباني في الوصول إلى حافة نسب التخصيب المرتفعة، من دون إصرارهم على الالتزام بها، بل أتاحوا لمفاوضيهم التراجع للمستوى المطلوب الآن، وهو 5 في المئة. أما الدول الغربية فنجحت في تبديد قلق من احتمال سعي إيران إلى صنع سلاح ذري، من خلال رقابة صارمة ومشددة على برنامجها النووي، إضافة إلى إلغاء أجزاء منه كانت تثير قلقاً لدى المجتمع الدولي ولدول في الشرق الأوسط. اتفاق جنيف لن يرفع جميع العقوبات المفروضة على إيران، لكنه سيفتح باب حوار حول آلية رفعها خلال الفترة المقبلة، ما يتيح لحكومة روحاني البدء بإزالة آثار العقوبات وتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.