لم تكن جولة موسكو التي بدأت أمس بين ايران والدول الست المعنية بملفها النووي، الاولى بين الجانبين، بل تعود الي العام 2003، عندما شعرت تلك الدول بأن طهران تسعي الى تنفيذ برنامج نووي، مستفيدة من الأجواء السياسية السائدة في الشرق الاوسط. وتناوبت شخصيات عدة علي الإمساك بالملف النووي في إيران، ابتدءاً من حسن روحاني وانتهاءً بسعيد جليلي، مروراً بعلي لاريجاني، من دون استبعاد دور المندوب الايراني لدي الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية الذي عمل على الجانب الفني للملف، في وقت دخل علي خط المحادثات خافيير سولانا، وزير الخارجية السابق للاتحاد الأوروبي، والوزيرة الحالية كاثرين أشتون، والمدير العام السابق للوكالة الذرية محمد البرادعي وخلفه يوكيا أمانو، اضافة الى دول مثل تركيا والبرازيل، من دون تحقيق نتيجة. وخلال السنوات العشر الماضية، ما زالت بصمات تلك الشخصيات واضحة في ثنايا المحادثات التي لم تصل حتى الآن الي نتائج واضحة وملموسة، إذ ساهمت أحياناً في تشنّج العلاقات، وفي اتفاق الجانبين في حالة أخري، لكنها عملت، في شكل أو في آخر، علي إحالة الملف علي مجلس الأمن، بعد مراوحته في أروقة الوكالة الذرية. وبناءً علي معلومات نشرها عام 2002 «مجاهدين خلق»، أبرز تنظيم معارض للنظام الايراني في الخارج، وتفيد بنشاطات لتخصيب اليورانيوم في منشأة ناتانز، وإنتاج مياء ثقيلة في منشأة آراك، شكّلت ايران فريقاً برئاسة سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي آنذاك حسن روحاني، لمتابعة المسألة مع الوكالة الذرية، إذ وافقت طهران مبدئياً مع البرادعي على إبرام البرتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، والذي يتيح لفرق التفتيش التابعة للوكالة دخول المنشآت النووية الايرانية من دون سابق إنذار. «الترويكا الأوروبية» وأبرم الاتفاق في طهران في 21 تشرين الأول (أكتوبر) 2003، مع «الترويكا الأوروبية» المؤلفة آنذاك من وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا جاك سترو ودومينيك دوفيلبان ويوشكا فيشر، في إطار اتفاق «سعد آباد». وفي 23 شباط (فبراير) 2004، وقّعت طهران والاتحاد الأوروبي في بروكسيل اتفاقاً لتقديم تقارير دورية للوكالة الذرية حول النشاطات النووية الايرانية، إثباتاً لحسن النيات. لكن مجلس محافظي الوكالة أصدر قراراً حازماً ضد ايران، في 12 أيلول (سبتمبر) 2004، ما جعل روحاني يجري محادثات مع الترويكا الأوروبية في فرنسا، لتفي بالتزاماتها الواردة في اتفاق «سعد آباد». ومع تصاعد الضغوط على طهران، استأنفت حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد التخصيب، في كانون الثاني (يناير) 2006، بعد تجميده خلال رئاسة محمد خاتمي، لتبدأ مرحلة جديدة من المفاوضات بقيادة علي لاريجاني مع الترويكا الأوروبية التي اتسعت لتشمل الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا. وتوالت الاجتماعات في مدريد ولشبونة، متزامنة مع إحالة الملف النووي علي مجلس الأمن الذي فرض عقوبات اقتصادية علي إيران. ولم تنجح محادثات جنيف عام 2010، في التوصل لاتفاق علي تبادل اليورانيوم المخصب بوقود نووي يُستخدم لتشغيل مفاعل طهران للبحوث الطبية، لتدخل أشتون علي الخط في جولتي اسطنبول الأولي والثانية عام 2011، والتي لم تسفر عن نتائج إيجابية. ويُعتبر اجتماع موسكو استكمالاً للقاءي بغداد واسطنبول اللذين عُقدا في الشهور الاخيرة، ولم يحقّقا نتائج طيبة.