قد ينشأ التنازع بسبب الخلاف في تحقق ما قضى به النظام في ما يتعلق بمحل إقامة المدعى عليه، وأحكام ذلك المحددة لنطاق الاختصاص، وكذا حدود النطاق المحلي للبلد. وبما أنه من المتقرر أن هناك دائرة مكانية محددة تبسط الجهة القضائية ولايتها عليها، وفي ذلك تحقيق للمصلحة العامة من جهة، ومراعاة لقدرة وصول الأطراف للمحكمة، وقدرة المحكمة على استيعاب ما يعرض عليها، وتحقيقاً لقاعدة إقامة الدعوى في بلد المدعى عليه إلا ما استثني، لذا فإن من أبرز صور تنازع الاختصاص ما يتعلق بمكان إقامة الدعوى، ويسمى «الاختصاص المحلي»، وتضمن الفصل الثالث من الباب الثاني من نظام المرافعات الإشارة إلى الاختصاص المحلي في المواد من (34) إلى (38). ومن صور تنازع الاختصاص أيضاً ما يتعلق بالجانب الدولي، وهو من حيث الأصل يبحث في بيان الحدود التي تمارس السلطة القضائية ولايتها فيها، وتبسط سلطتها عليها. وهي في المملكة محكومة وفقاً لأحكام الباب الثاني من نظام المرافعات المتعلق بالاختصاص، وما قضى به في الفصل الأول منه عند ذكر القواعد المنظمة للاختصاص الدولي في المواد من (24) إلى المادة (30). وبيّن النظام ما يمكن إقامته من الدعوى في المحاكم السعودية على السعوديين وغيرهم، سواء من المقيمين في المملكة أو غير المقيمين وضوابط ذلك. وفي تحديد ذلك كشفٌ للاختصاص الدولي أمام المحاكم السعودية، ومن ثمَّ فقد ينشأ التنازع أو التدافع مع غيرها من المحاكم الأجنبية، علماً بأن البحث في الاختصاص ليس على درجة واحدة، فمنه ما يسقط بمجرد المضي فيه كالاختصاص المكاني (المحلي) كما في المادة (71) من نظام المرافعات، أو بالتراضي على إسقاطه كالدولي كما في المادة (28) من نظام المرافعات، ومنه ما هو من النظام العام كما سبق في الاختصاص الولائي. * محامٍ ومستشار قانوني [email protected]