اعتمدت الفنانة المصرية نادية وهدان فى تجاربها الأخيرة على الفوتوغرافيا كوسيط إبداعي يمكن التعامل معه بالحذف والإضافة، من طريق وسائل مختلفة. وهي تتعامل مع الصور الفوتوغرافية عبر برامج الغرافيك، فتحذف وتضيف من خلالها، كما تعيد صَوغ العناصر والمفردات. وترسم بيديها وتضيف عناصر ومفردات أخرى على السطح بعد طباعته لتأكيد الملمس أو للفصل بين المساحات الملونة. في تجربتها الأولى مع الفوتوغرافيا انتقت نادية صورها بعناية من أرشيف الصور العائلية للأسر المصرية، لتقدم لنا في النهاية مزيجاً بصرياً يشبه ما تختزنه ذاكرتنا البصرية من صور مماثلة. تشتبك اختياراتها الفوتوغرافية مع ما نحمله في الذاكرة من صور الآباء والأمهات وأفراد العائلة الراحلين. أعادت وهدان صَوغ تلك الصور القديمة لتؤكد حيادها، فتتحول من مجرد صور لأشخاص غريبين عنا إلى صور قريبة وحميمية إلى درجة كبيرة. في معرضها الذي أقامته في مركز الجزيرة للفنون في القاهرة، تكرر تأكيد نهجها في التعامل مع الصور القديمة وحنينها إلى الماضي. لكنها اختارت هذه المرة ألا تترك متابعيها لمقارباتهم البصرية مع ما يحملونه في الذاكرة من صور مماثلة، بل امتدت التجربة إلى مخزون بصري مشترك من خلال اعتمادها على مجموعة من الوجوه السينمائية المعروفة. تقدم وهدان تلك الصور تحت عنوان «نوستالجيا»، أي الحنين. هو الحنين نفسه إلى الماضي الذي يغلف أعمالها الأولى، لكنه يتخذ في أعمالها المعروضة بعداً جديداً. هي تحتفي هنا بالثقافة البصرية المصرية من طريق صور نجمات السينما التي شكلت وجدان ملايين المشاهدين عبر أكثر من قرن. وتدافع عن تلك الثقافة، كما تقول، في مواجهة الأفكار والآراء المتشنجة التي لا ترى في السينما سوى الفتنة والغواية. لذا، انحصرت انتقاءاتها في العنصر الأنثوي. وجوه كثيرة، اعتدنا رؤيتها والتصقت حركاتها وسكناتها وإيماءاتها في ذاكرتنا. ليلى مراد، أسمهان، نادية لطفي، شادية، صباح، تحية كاريوكا، هند رستم، وغيرهن من نجمات السينما المصرية والعربية. اختارت وهدان صورة واحدة لكل منهن. صورة واحدة قادرة - كما تقول - على تجسيد روح كل شخصية بتأثيرها البصري الطاغي. وفي اختيارها عنوان معرضها قرار ضمني منها بتأكيد فكرة الحنين إلى الماضي. غير أن أعمالها لا تمثل نوعاً من الحنين إلى ذلك الزمن السينمائي الحاضر في أذهان الملايين فقط، بمقدار ما هي رسالة مؤدّاها تمسك الأجيال الجديدة بذلك التراث البصري في مواجهة المغالطات والآراء الظلامية التي لا تعترف بقيمة الفن وقدرته الطاغية على التأثير الإيجابي، عبر هؤلاء الأشخاص الذين يطلون بملامحهم من خلال هذه المساحات، والمزركش بعضها بالخيوط الملونة وكأنها تحاول إحاطتهم بهالة الضوء نفسها التي أحاطتها بهم شاشة السينما من قبل، ولتذكرنا أيضاً بذلك الرابط البصري الذي يجمع بيننا عبر تلك الملامح الأنثوية المؤثرة التي تحولت مع الوقت إلى جزء من حياتنا وتكويننا البصري. تخرجت وهدان في كلية التربية الفنية (القاهرة) عام 2001، وهي تعيش وتعمل حالياً في العاصمة المصرية، حيث تدرّس الرسم والتصوير في الكلية ذاتها.