قلما يخلو مجلس من مجالسنا الموقرة من الحديث حيال العمالة الوافدة أو الأجنبية كما يحلو للجميع تسميتها، وكذلك الحال لصحافتنا الغراء وكتابنا الأكارم، أقول يحلو الحديث لتلك الشرائح عن العمالة وتحويلاتهم إلى بلادهم وما صنعوه في بلادنا، والحديث أيضاً عن هروبهم ومخالفتهم لبعض الأنظمة وبعض من مغالاتهم واستغلالهم لكثير من الأعمال وتنفيذها وهلما جرى كما يقال. وبالطبع، يتناسى هؤلاء القوم أن العمالة هي جزء رئيس من تطور البلد، وهي سمة بارزة لعجلة التقدم الذي تعيشه الأوطان، وهم أيضاً جزء وركن أساسي من حضارة نعيشها أيا كانت، والغريب في الأمر أن معظم الموقرين يتحدثون عن مكاسب جديدة حققها البلد أو سيحققها في المستقبل القريب من جراء سفر العديد ممن لم يتم تصحيح أوضاعهم أو حتى ممن هم يعملون بالصفة الرسمية من قبل، وعليه أقول: إن ما يناله ذلك الوافد هو حق شرعي طالما أن العمل المتفق عليه يترتب حياله نهضة وتطور لبلادنا في أي مشروع أو عمل يراد تنفيذه. من المفترض أن نتحدث عن الهوية الوطنية من حيث أمننا ومن حيث الوضع الرسمي وما يقابله من خلاف ومخالفة، ونقوم بالاستنكار لكل متغير، وليس من حيث عرق الآخرين، وما يجنونه من حصاد تعبهم، وما تم تحويله أو نيله لهؤلاء الضعفاء، بغض النظر عن أوضاعهم التي تتصرف الدولة حياله بطرقها، لكن أن نتمعن بغير بصيرة في ما جناه ذلك العامل أو الآخر خلال عمله، فهذا قد يتنافى حتى مع الشرع كما يدعوني ذلك إلى القول أن معظم تلك العمالة أياً كانت صيغتها أقول، الغالب تقاوم من أجل لقمة العيش والنيل لكسرة خبز، وليس كما يتخيل البعض من باب زايد ومن باب العبث والتسلية فلا تعب يقاوم تسلية لها تبعات غربة ومرض وجوع. وعلينا تذكر قول الحبيب صلوات الله عليه وسلامه أبغوني الضعفاء، إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم، «نعم» علينا التيقظ لتلك الأمور حتى يطرح الله سبحانه البركة في بلادنا التي تسعى دوماً إلى مساعدة الآخرين، وليس إلى إرهاقهم كما يترقب البعض. كما علينا ألا ننسى أن كثيراً من تلك العمالة تنال نصيباً من دون حقها المعقول من حيث ساعات العمل ومن حيث معاملة الآخرين من المتطفلين، وكذلك أوضاع المساكن السيئة والإجحاف الذي يرتكبه بعض الكفلاء من أكل عرق الغالبية من تلك العمالة نهاية كل شهر في الخفاء وأيضاً الإخلال ببنود الاتفاق لنوعية المهنة، وهكذا الحال لأنواع الظلم الذي يتعرض له بعض إخواننا المقيمين مما له الأثر في تشويه سمعة بلادنا وتغير صورتها التي يعرفها الجميع ولله الحمد بالإنسانية، وليس عكس ما يروج له الآخرون من دون رقابة أو أدنى تحمل للمسؤولية، ولذلك ننصف أولاً تلك الفئة المحتاجة ثم نحاسب ونتحدث بما يليق، وليس خبط عشواء من تعصب كما يقال. عبدالله مكني - الباحة [email protected]