شد انتباهي أخيراً برنامج في إحدى دول الخليج العربي، تطرق إلى المخاطر المترتبة على هوية الخليج العربي وأهله، وذلك من العمالة والمقيمين على تلك الأرض، وأبدى المشاركون تضجرهم من العمالة التي تعيش في دول الخليج العربي، وبصفة عامة كل المقيمين في الخليج. كما تطرق المتحاورون إلى تأثر المستوى الاجتماعي والمادي والثقافي وغيره من الكثرة التي يعاني منها الخليج، بسبب تزايد العمالة أو عموم الوافدين إلى بلدان الخليج العربي. إن وجود الوافدين في الخليج العربي لم يكن من «باب زايد»، وإنما لحاجة دول الخليج إلى التطوير والتنمية في شتى المجالات، وبالطبع أسهم هؤلاء الأجانب - كما يسميهم الأغلبية من أهلنا في خليجنا الموقر، أو كما تحلو لهم تلك العبارة التي في الأصل يجب أن نطلقها على غير المسلم وليس للأشقاء الذين يعيشون معنا - في تطوير دول الخليج العربي من كل الجوانب التي قد يصعب سردها في مقال أو مقالين. ولذلك من الخطأ أن نقول في اجتماع أو برنامج أو ندوة وخلافه إن الوافدين والمقيمين أخلوا بلغة البلد، أو استنزفوا أموال الخليج، أو تسببوا لنا في خسارة بلايين الدولارات، أو غير ذلك من الأقاويل التي اعتدنا عليها ضد الوافد. نعم هناك أموال تخرج من دولنا الخليجية إلى الخارج عبر الوافدين، ولكنها حق مشروع لمن يعمل لمصلحة تلك الدول، ويسهم في رقيها مشكوراً، أياً كان عمله. وليسمح لي القارئ الكريم بأن أقول إن الدول الغربية التي سبقتنا في التطور الحضاري من نواحي التقنية، وما تشمله تلك المصطلحات المتعارف عليها، رحبت قبلنا بما هو أكبر من مفهوم وافد أو مقيم، وهو الهجرة والجنسية في مقابل خدمة البلد، واحترام قوانينه وتقاليده، وماذا كانت النتيجة؟ هي التطور الذي تشهده تلك الأقطار، والذي نلحظه بين الحين والآخر، شئنا أم أبينا، ومن منا يستطيع أن ينكر تطور الغرب في ما ذكرته من مجالات تقنية وما يتبع لها؟ بينما نعلق نحن في كثير من الأحيان على وجود المقيمين بيننا في الخليج العربي كما هي الحال في البرنامج الذي أشرت إليه في الأسطر الماضية في إحدى دول الخليج! فهل من إسداء كلمة شكر وعرفان لمن يعيشون بيننا؟ وهل من احترام إنساني بعيد عن توترات العنصرية، التي قد تجر إلى المهالك؟ وهل من تعقل لتلك المواضيع التي من المفترض اعتبارها من باب تبادل الخبرات وليس من باب رئيس ومرؤوس وكفيل ومكفول، وما إلى ذلك من تظلمات نلحظها داخل أروقة المحاكم والشرط والجهات المسؤولة عن العمالة الوافدة وعامة المقيمين؟ نعم، فمثل هذه الأمور تعرقل مسار التنمية والتطور، فعندما ننظر إلى كبريات دول العالم، ممثلة في الولاياتالمتحدة، نجد أن أساس التطوير كان من الوافدين لتلك البلاد، وتلك دلالة واضحة على أن الإنسان يكمّل الإنسان، بغض النظر عن العرق واللون والجنس. ولكن بكل أسف أخذت تلك المعادلة من الصعاب ما الله به عليم بالنسبة لحسابات الكثيرين، الذين يغضون الطرف عن منجزات تلك العمالة، بينما يتفرغون لمنهجية الربح المادي الذي يعود به ذلك الوافد جراء عمله وتعبه. [email protected]