في سباقها الاقتصادي مع الصين، بدأت واشنطن تتنفس الصعداء. فالترجيحات في الامس القريب كانت تشير الى ان الاقتصاد الصيني سيصبح الاكبر عالمياً بدلاً من الاميركي في 2018. ثم تبدلت الترجيحات لتشير الى 2021، والعام الماضي، رجح «مجلس الامن القومي» ان الصين ستصبح الاولى، ولكن في 2030. ومع تباطؤ الاقتصاد الصيني بسبب اعتماده الزائد على الاستثمارات والصادرات، وبسبب ارتفاع اسعار اليد العاملة نظراً إلى تحسن دخل العمال الصينيين واقتراب سكان الصين من الشيخوخة مع نهاية هذا العقد، ومع التحسن المطرد للاقتصاد الاميركي في وقت تشير فيه بيانات انتاج النفط الاميركية الى وصولها الى معدلات لم تشهدها منذ 1986 وتأثير ذلك ايجاباً في النمو الاميركي، صار اكثر المعنيين الاميركيين يشعرون ان بلوغ الصين المركز الاقتصادي الاول لم يعد حتمية كما كان عليه الحال قبل اعوام. ويعزز الثقة الاميركية ما يبدو انه أداء مخيب للآمال للحزب الشيوعي في جلسته العامة الثالثة بقيادة الرئيس الصيني شي جيبينغ، الذي يعول عليه كثيرون للقيام بإصلاحات جذرية تسمح «للمعجزة» الاقتصادية الصينية بالاستمرار. اما ابرز المتوقع من شي فهو قيامه بإصلاحات تقلص من دور «اقتصاد الدولة»، وهو ما يتضمن تحرير سوق العملات وترك السوق تحدد سعر العملة الصينية. وهذا إن حدث، سيرفع قيمة العملة الصينية، ما سيساهم في تقوية القدرة الشرائية للصينيين ويخفف من اعتماد الصين على التصدير فقط . وكان متوقعاً ايضاً من شي ان يحد من نفوذ الشركات العملاقة التي تملكها الدولة، والتي تحصل على امتيازات وأفضلية تقضي على قدرتها التنافسية. لكن البيان الختامي للجلسة الثالثة العامة لم يشر الى نية لتقزيم دور هذه الشركات، ربما بسبب خوف شي من نفوذ اركان الحزب الشيوعي الذين يشغلون المناصب الرئيسة فيها. وكان متوقعاً من شي الحد من سيطرة الحزب الشيوعي على سلطات الدولة، خصوصاً القضاء، وهو امر لا يبدو ان القيادة الصينية تنوي او تقدر على القيام به. «واشنطن تراقب الجلسة والسياسات التي ستنتج عنها»، تقول الباحثة في «مجلس العلاقات الخارجية» ليز ايكونومي، وتضيف ان «القيادة الصينية ما زالت غير قادرة على تقديم مسار واضح للإصلاح الاقتصادي للسنوات الخمس او العشر المقبلة». وتقول ان بيان الجلسة «يعطي شيئاً لكل طرف، فبينما يقول ان الشركات المملوكة من الدولة واقتصاد الدولة سيلعبان دوراً رئيساً في الاقتصاد، ستلعب السوق دوراً حاسماً في تحديد كيفية توزيع الموارد. وعلى رغم ذلك تابعت الولاياتالمتحدة إصلاحاتها الاقتصادية من خلال إعادة ترتيب بيتها المالي. وقدم «مكتب الموازنة في الكونغرس»، اخيراً، توصياته الى المشرعين في تقرير بعنوان «خيارات من اجل تقليص العجز: 2014 - 2023». وتناول التقرير بالتفصيل مواضيع تتعلق بإنفاق الحكومة الإلزامي، وإنفاقها غير الالزامي، كما قدم خيارات ممكنة لزيادة مدخول الدولة، ولتقليص إنفاقها الكبير على القطاع الصحي.