أبدى الحكم الموقت في مصر اهتماماً بالغاً بزيارة مشتركة لوزيري الخارجية والدفاع الروسيين أمس ناقشا خلالها مع نظيريهما المصريين التعاون العسكري وتوقيع اتفاقات شراء أسلحة، خصوصاً أنظمة الصواريخ البحرية، وتنفيذ برامج تدريب مشتركة. وبدت الزيارة الأولى من نوعها في إطار آلية «2+2»، رسالة من القاهرة إلى شريكها العسكري الأبرز الولاياتالمتحدة التي علقت مساعدات عسكرية لمصر في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) الماضي. وجرت جلستا محادثات بين وزيري الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي والروسي سيرغي شويغو في مقر وزارة الدفاع، وبين وزير الخارجية المصري نبيل فهمي والروسي سيرغي لافروف في مقر وزارة الخارجية، ثم اجتمع الوزراء الأربعة مع الرئيس الموقت عدلي منصور، قبل أن يعقدوا جلسة رباعية في إطار آلية «2+2» في مقر وزارة الدفاع. وحظيت زيارة شويغو لوزارة الدفاع بحفاوة بالغة، إذ كان السيسي في استقباله لدى وصوله، كما أجريت له مراسم استقبال رسمية، وعُزف السلامان الوطنيان لمصر وروسيا، وعرض الوزيران حرس الشرف، ثم صافح الوزير الروسي قادة الجيش الذين كانوا في استقباله. وقال الناطق باسم الجيش العقيد أحمد علي، إن السيسي رحب في بداية اللقاء بالضيف الروسي «كأصدقاء أعزاء»، مشيراً إلى أن اللقاء تناول «سبل دعم وتبادل الخبرات وتعزيز العلاقات العسكرية بين القوات المسلحة في البلدين في مختلف المجالات»، إضافة إلى «المستجدات والمتغيرات المتلاحقة على الساحتين الإقليمية والمحلية في ظل الظروف الراهنة وبحث أوجه التعاون المشترك والعلاقات المتميزة التي تربط البلدين». وأضاف أن السيسي «أكد أن المحادثات تعد إشارة إلى التواصل الممتد للعلاقات الاستراتيجية التاريخية من خلال مرحلة جديدة من العمل المشترك والتعاون البناء المثمر لكلا الجانبين». ونقل عن شويغو «تقديره واعتزازه بالقوات المسلحة المصرية ودورها التاريخي المتجرد في حماية الشعب المصري، وأشاد بالمستوى الاحترافي الذي وصلت إليه القوات المسلحة وأكد تدعيم وتعزيز أوجه التعاون بين القوات المسلحة المصرية والروسية». وحضر اللقاء رئيس الأركان الفريق صدقي صبحي وقادة الأفرع الرئيسة وعدد من كبار قادة الجيشين. وعلمت «الحياة» أن السيسي وشويغو ناقشا «توقيع اتفاقات عسكرية مشتركة بين مصر وروسيا، بينها حصول مصر على معدات عسكرية روسية منها صواريخ وقطع بحرية، بخلاف الاتفاق على تبادل الزيارات العسكرية والتدريب في المرحلة المقبلة، وفتح مجال التدريب لعناصر من القوات المصرية في روسيا على أحدث الأجهزة والمعدات العسكرية». ورست في قاعدة البحر الأحمر البحرية أمس سفينة إمداد روسية في إطار تعزيز الروابط والعلاقات العسكرية بين القوات البحرية في البلدين. وكان طراد روسي رسا في ميناء الإسكندرية قبل يومين. وقال الناطق العسكري إن عدداً من ضباط قاعدة البحر الأحمر البحرية كانوا في استقبال سفينة الإمداد الروسية. وشدد وزير الخارجية الروسي خلال في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري عقب محادثاتهما على أن «موسكو تحترم السيادة المصرية وحق المصريين في تقرير مصيرهم». واستهل الوزير المصري المؤتمر بتأكيد أن بلاده «تتطلع إلى تعاون مثمر مع روسيا في مجالات عدة»، لافتاً إلى أن شكل وطبيعة وتوقيت زيارة الوزيرين الروسيين «لها دلالات». وأوضح أن اجتماعه مع لافروف ناقش «الأوضاع في دول الجوار لمصر خصوصاً في ليبيا والسودان وأفريقيا». واعتبر أن «هناك رصيداً قديماً من التعاون الثنائي في مجالات عدة، خصوصاً في المجال العسكري الذي تم النقاش في شأنه بين وزيري الدفاع في مصر وروسيا، فضلاً عن التعاون في المجال الاقتصادي والتنموي وتوسيع التجارة والاستثمار». وأضاف أن «هناك اتفاقاً بين الجانبين على أهمية عقد اللجنة الوزارية المشتركة لإعطاء التعاون الثنائي مزيداً من الزخم، خصوصاً التعاون في المجال التنموي والسد العالي والطاقة والتوسيع التجارة والاستثمار وزيادة أعداد السياح الروس لمصر». وقال لافروف إن «مصر بالنسبة إلينا ليست فقط دولة رائدة ولكنها دولة صديقة نرتبط معها بأواصر صداقة منذ سنوات عدة وهو تعاون مستمر واستراتيجي». واضاف أن «من مصلحة موسكو أن تبقى مصر دولة مستقرة ذات اقتصاد متطور وذات أداء حكومي فعال». واعتبر أن «التحضير لمشروع الدستور والاستفتاء سيسمح لمصر بالتقدم إلى الأهداف المنشودة». وحين سُئل عن رأيه في عزل مرسي، أجاب لافروف بأن «روسيا لا تزال تنطلق من مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لجميع الدول. وموسكو تحترم السيادة المصرية وحق المصريين في تقرير مصيرهم». وأوضح أنه ناقش «العلاقات الثنائية من أجل تعميق الحوار بين البلدين بما في ذلك استئناف عمل اللجنة الحكومية الروسية-المصرية المشتركة، إذ تم الاتفاق على إجراء لقاء على مستوى الخبراء». وأكد أن «روسيا مستعدة لمساعدة مصر في كل المجالات... ناقشنا الحوار السياسي وآفاق التعاون في المجال العسكري والمجال العسكري الفني، وهو ما سيتم في محادثات وزيري الدفاع». ورداً على سؤال عما إذا كان التقارب المصري - الروسي توجهاً موقتاً بسبب اضطراب العلاقات مع واشنطن، قال فهمي: «نتطلع إلى علاقات قوية ومتواصلة ومستقرة مع روسيا لتقديرنا لمواقف روسيا ودورها بالنسبة إلى الشرق الأوسط أو على المستوى الدولي. ننطلق في هذا الاتجاه لنعيد تنشيط العلاقة التي كانت قائمة طوال الأعوام الماضية، ليس بديلاً لأحد، فوزن روسيا أكبر من أن تكون بديلاً لأحد. نحن لا ننظر إلى الأمور بهذا الشكل».