أعلن المغرب أمس عزمه على تسوية أوضاع المهاجرين غير القانونيين على أراضيه مطلع العام المقبل، والذين ينتمي معظمهم إلى القارة الأفريقية، وبعضهم من إسبانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى، وآسيا وبعض الدول العربية، خصوصاً سورية، التي يقدر عدد اللاجئين منها بأكثر من ألف. وسيُمنح هؤلاء «وضع الحماية الموقتة» بسبب ظروفهم الصعبة. وأكدت مصادر مغربية ل «الحياة» أن «عدد الأشخاص الذين ستسوى إقامتهم يتراوح بين 25 و40 ألفاً، من بينهم 853 شخصاً من طالبي اللجوء وحاملي وثائق المفوضية العليا للاجئين». وينسحب حق التسوية على الأشخاص الحاصلين على عقود عمل منذ سنتين، أو الإقامة في المغرب منذ خمس سنوات، والأجانب المتزوجين بمواطنات مغربيات منذ أربع سنوات، والأشخاص المصابين بأمراض خطيرة . وأكد وزير الداخلية محمد حصاد أن «الرباط قررت اتخاذ هذا الإجراء بصفة سيادية وبدوافع إنسانية بعد التقرير الذي رفعه المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الملك محمد السادس في أيلول (سبتمبر) الماضي حول أوضاع المهاجرين الأجانب، وتحول المملكة من بلد عبور إلى بلد إقامة لمغتربين من دول عدة»، مشدداً على «وجود علاقة بين الهجرة والفقر وعدم الاستقرار الأمني والسياسي». وأوضح وزير الهجرة أنيس بيرو أن «المغرب بصدد بلورة سياسة شاملة ومتعددة الأبعاد لقضايا الهجرة، وفق مقاربة إنسانية وحقوقية تستند إلى الدستور الجديد والقوانين الدولية، وفي إطار تعاون مع الشركاء الأجانب والمنظمات المعنية، كما سنضع آليات لدعم المهاجرين الراغبين في العودة الإرادية إلى أوطانهم». ولفت إلى أن «المغرب لا يتمتع بإمكانات كبيرة لاستقبال جميع المهاجرين الراغبين في الإقامة، ولكنه لن يطلب أي دعم خارجي». وأكدت مصادر رسمية أن «الرباط ستتصدى بقوة لكل أشكال الإتجار بالبشر أو التهريب وسيتم تعزيز مراقبة الحدود، على أن يستفيد المهاجرون الحاليون من كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يتمتع بها المواطنون الأصليون، ومنها حق العمل والتملك والدراسة والرعاية الصحية وغيرها، إذ شرعت المدارس المغربية في استقبال أطفال المهاجرين، خصوصاً من أفريقيا وسورية». وأشارت إلى أن «الرباط كانت تقدمت بمبادرة إلى الأممالمتحدة حول موضوع الهجرة الأفريقية، وترغب في انضمام الاتحاد الأوروبي ودول أخرى إلى هذه المبادرة للتعامل مع أسباب الهجرة ودوافعها واقتراح حلول دولية لمعالجتها». وكان الملك محمد السادس أعلن في خطاب المسيرة الخضراء الأسبوع الماضي، أن «الأوضاع الصعبة في بعض الدول دفع بعض مواطنيها للهجرة إلى المغرب بصفة قانونية أو غير شرعية، وأمام التزايد الملحوظ في عدد المهاجرين دعونا الحكومة إلى بلورة سياسة شاملة للهجرة واللجوء، وفق مقاربة إنسانية تحترم الالتزامات الدولية وحقوق المهاجرين». ويعتقد محللون أن الأزمة الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً منطقة اليورو، وتداعيات «الربيع العربي» الأمنية والمعيشية، دفعت آلاف الأشخاص إلى النزوح إلى المغرب طلباً للاستقرار والأمن والعمل، وتصادف مجيئهم مع وجود عشرات آلاف المهاجرين الأفارقة الذين تقطعت بهم السبل وأصبح صعباً عليهم الانتقال إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط أو العودة إلى دولهم. وكانت دول من الاتحاد الأوروبي وأميركا والأممالمتحدة أشادت بمبادرة المغرب لتسوية أوضاع المهاجرين، في إطار نوع من التضامن الإنساني، بانتظار حل المشاكل الحقيقية التي تعزز الهجرة وأهمها الفقر والظلم والحرب.