على رغم قرب انتهاء المهلة المحدد للانتهاء من تعديل الدستور المصري الذي عطله الجيش عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، إلا أن لجنة الخمسين المخولة صوغ التعديلات لا تزال تواجه عقبات شائكة لا تقتصر على المواد المتعلقة بالمؤسسة العسكرية والسلطة القضائية، إذ تزايدت الأصوات المطالبة بتخصيص حصتين من مقاعد البرلمان للنساء والأقباط، كما يتوقع أن تشهد اللجنة خلافات على خلفية اقتراح إلغاء نسبة 50 في المئة من المقاعد المخصصة للعمال والفلاحين. وأوضح عضو لجنة تعديل الدستور محمد أبو الغار أن تخصيص الحصص البرلمانية لم تتم مناقشته في اللجنة حتى الآن. وقال ل «الحياة»: «ما زال الجدل خارج اللجنة ولم ينتقل إلى داخلها»، لكنه أشار إلى أن «اللجنة ستناقشه في جلسات التوافق على النظام الانتخابي الأمثل للبرلمان المقبل وهي متوقعة الأسبوع المقبل». وإذ رأى أبو الغار أن نظام الحصص «معقد ولا ينجح»، أشار إلى أن «هناك طرقاً أخرى لضمان تمثيل الفئات المهمشة». واعتبر أن «أفضل طريقة هي اعتماد نظام القوائم مع إلزام الأحزاب بتخصيص مقعدين في مقدمة القوائم أحدهما للنساء والآخر للأقباط، ومن هنا نضمن نجاح عدد معقول من النساء والأقباط». ولفت إلى أن «هناك اتجاهاً كبيراً إلى إلغاء نسبة الخمسين في المئة للعمال والفلاحين، وفي حال استمرت ستكون لدورة انتخابية واحدة». وتتعالى منذ سنوات مطالب قبطية بتخصيص حصة نيابية للأقباط الذين لا يتناسب تمثيلهم في البرلمان مع تعدادهم. لكن هذه المطالب لم تدخل حيز التنفيذ، إذ اكتفت الأنظمة المتعاقبة بمحاولة علاج خلل التمثيل عبر تعيين أقباط في المقاعد العشرة المخصصة للرئيس. ويدفع مؤيدو نظام الحصص بأنه «ضامن لتمثيل الفئات الضعيفة والمهمشة»، فيما يعارضه آخرون على أرضية «رفض تكريس الطائفية». وفي حين تتمسك نقابات وحركات عمالية وقوى يسارية بحصة العمال والفلاحين المحجوزة لهم منذ عهد الرئيس السابق جمال عبدالناصر، تعترض عليها قوى ليبرالية وآخرون يؤكدون إساءة استغلال هذه الحصة. غير أن فكرة المحاصصة تثير جدلاً واسعاً في أوساط الأقباط، ففي حين رفض القيادي في حزب «الدستور» جورج إسحاق الفكرة معتبراً أنها «ضد مبدأ المواطنة وترسخ الطائفية لأن جميع المصريين لهم كل الحقوق والواجبات ولا يوجد تمييز لأحد إلا على أساس الكفاءة وما يختاره المصريون»، لوّح المستشار القانوني للكنيسة النائب السابق إيهاب رمزي بأن الأقباط سيرفضون الدستور المعدل في حال عدم تخصيص حصة نيابية لهم. وقال ل «الحياة» إن «التمييز الإيجابي للأقباط ضرورة في ظل تحكم النعرات الطائفية والأموال الطائلة في العملية الانتخابية... يجب أن يراعى دور الأقباط في المجتمع». من جهة أخرى، تجمع منظمات نسوية على ضرورة تخصيص حصة نسائية، ولو لعدد محدد من الدورات النيابية «لضمان تمثيل مناسب للنساء في البرلمان». وكانت حصة نيابية للنساء (60 مقعداً من أصل 454) أقرت في أواخر عهد الرئيس السابق حسني مبارك، إلا أنها ألغيت بعد الثورة. وكانت رئيس «المجلس القومي للمرأة» عضو لجنة تعديل الدستور ميرفت التلاوي تبنت الاقتراح في اللجنة، ما أثار اعتراضات من قبل ممثلي حزب «النور» السلفي، ما دعا أعضاء اللجنة إلى تبني صيغة وسطاً فاكتفوا بالنص على إلزام الدولة ب «اتخاذ كل التدابير الكفيلة بضمان تمثيل عادل ومتوازن للمرأة في المجالس النيابية والمحلية» من دون تحديد نسبة هذا التمثيل، ما أثار تحفظ التلاوي. ونظمت حركات نسائية أمس وقفة احتجاجية أمام مجلس الشورى، حيث تعقد جلسات اللجنة، ضد «تجاهل الدستور لحقوق النساء السياسية». وهددت الوقفة بمقاطعة الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية، ما لم تخصص حصة للنساء في البرلمان. ورفعت المحتجات لافتات ورددن هتافات منها: «يا دستور يا دستور، خلي المرأة تشوف النور». إلى ذلك، قال الناطق باسم لجنة تعديل الدستور محمد سلماوي إن لجنة الصياغة انتهت مساء أول من أمس من مراجعة جميع المواد باستثناء مواد السلطة القضائية والقوات المسلحة، موضحاً أن «الدستور في شكله الجديد سيزيد على 200 مادة منها 20 مادة مستحدثة لم ترد في الدساتير المصرية من قبل تتعلق غالبيتها بالحريات». ولفت إلى أن «اللجنة انتهت من إقرار 120 مادة من هذه المواد التي أرسلتها إلى لجنة الصياغة النهائية»، مشيراً إلى أن «هذه اللجنة انتهت من عمل التعديلات الدستورية المطلوبة في بابي الحقوق والحريات وسيادة القانون تمهيداً لإعادتهما إلى لجنة الخمسين للتصويت النهائي عليهما». وأوضح أن اللجنة خصصت جلستها مساء أول من أمس «لمناقشة مواد الدستور الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء»، وخلصت إلى «ربط توجيه تهمة الخيانة العظمى إلى الرئيس بالحصول على موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشعب... أما باقي الاتهامات فيحاسب الوزراء والمسؤولون عليها بطريقة محاسبة المواطنين العاديين نفسها».