أكدت المحكمة الإدارية في محافظة جدة أن أوراق بعض التداعي في عدد من قضايا المتهمين في كارثة السيول «التي ضربت محافظة جدة أواخر عام 2008م، خلت من أي دليل «يقيني» في جرائم الرشوة أو تسهيل معاملات حكومية. وأشارت في أحكام صدرت أخيراً (حصلت «الحياة» على نسخة منها) أن بعض ما نسب إلى الموظفين الحكوميين الذين اتهموا في قضايا الرشوة استنتاجات لا تصلح لأن تكون أدلة ثبوت يعتمد عليها في الإدانة. وأوضحت أن جريمة الرشوة جريمة عمدية لا تثبت إلا بتوافر الأركان وأن يكون العلم يقينياً، مشيرة إلى أن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين وليس مجرد الشك والتخمين، لا سيما وأن الاحتمال يفسر لمصلحة المتهم والأصل في المتهم البراءة حتى تثبت إدانته بدليل قاطع. وأضافت أنها تستبين قيمة الاعتراف من المطابقة بينه وبين الأدلة الأخرى فإن وجدتها لا تعززه سقط من ميزان حساباتها، مشيرة إلى أن إقامة الدعوى على اعترافات المتهمين أمام الجهات الأمنية غيركاف. وسجلت جلسات محاكمة المتهمين إنكاراً ونفياً للتهم التي وجهت ضدهم من المدعي العام في هيئة الرقابة والتحقيق، في حين تمسك «المدعي» وأصر خلال جلسات محاكمة المتهمين على جميع الاتهامات التي تضمنتها قرارات الاتهام والتي تضمنت طلب معاقبتهم وفقاً لنص المادتين (1، 3، 11، 12، 15) من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالأمر السامي الكريم رقم م /36 وتاريخ 29/ 12/ 1412ه والفقرة رقم (1) من المادة الأولى من المرسوم الملكي رقم 43 لعام 1377ه والتي تصل في حال ثبوتها على المتهمين بالسجن إلى حوالى 10 سنوات لكل متهم. يذكر أن المدعي العام طلب من المحكمة إيقاع عقوبة تعزيرية على المتهمين في كارثة جدة بما يحقق المصلحة العامة، كون الأفعال التي ارتكبوها مخالفة صريحة للأوامر، والتعليمات، وعدم مراعاة مصالح الوطن، والعامة من الناس وهو ما أدى إلى إزهاق أرواح البشر والذي تجاوز عدد المتوفين فيها ال100 شخص بحسب تقرير الدفاع المدني وإصابة 350 شخصاً، إذ تضمنت قرارات الاتهام التي وجهتها هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام إلى المتهمين من مسؤولين في الدولة ورجال أعمال تهماً عدة، أبرزها السماح للمواطنين بالبناء في مجرى السيل مخالفاً بذلك التعليمات والأوامر الملكية السابقة التي تقضي بمنع البناء والتملك في بطون الأودية، والسماح لمواطنين بالاستفادة من قطعهم السكنية في مخطط أم الخير شرق جدة الواقع في مجرى للسيل، وإزهاق الأرواح البشرية، وإتلاف الممتلكات العامة فضلاً عن ارتكابهم جرائمَ أخرى شملت قضايا الرشوة، والتفريط في المال العام، والإهمال في أداء الواجبات الوظيفية.