اتخذ المؤتمر الوطني العام (البرلمان الموقت) في ليبيا أمس، قراراً بإلحاق «غرفة عمليات الثوار» برئاسة أركان الجيش الليبي. وشمل القرار كل التشكيلات الثورية المسلحة التي تبسط سيطرتها ميدانياً في معظم المدن الرئيسية وكان رئيس المؤتمر نوري بوسهمين فوضها أخيراً بمهمة حفظ الأمن في البلاد. وخلافاً لبعض التوقعات، خلا القرار من أي إشارة إلى حلّ «الغرفة»، وأبلغت مصادر مطلعة في طرابلس «الحياة» أن القرار يهدف إلى ضبط نشاط الثوار والتشكيلات المسلحة التابعة لهم، بالتنسيق مع الجيش، إضافة إلى إضفاء طابع الشرعية على عملياتهم مستقبلاً. وحملت هذه الخطوة في مضامينها تراجعاً عن قرار بوسهمين تفويض «الغرفة» مهمات الأمن، ومؤشراً إلى أن صلاحيات «القائد الأعلى للقوات المسلحة» لم تعد محصورة في رئيس المؤتمر الوطني العام، بل باتت مسؤولية المؤتمر مجتمعاً، كما أن مرجعية القرار الأمني باتت مشتركة بين وزارتي الداخلية والدفاع، بالتفاهم والتنسيق مع مرجعيات الثوار، ما قد ينعكس ارتياحاً لدى الرأي العام الذي حمل التنظيمات الثورية المسلحة «المتعددة المراجع» مسؤولية الفلتان الأمني في البلاد. ويأتي قرار إلحاق «غرفة عمليات الثوار» بالجيش في وقت بلغ التوتر ذروته بينها وبين رئيس الحكومة علي زيدان الذي نقل عنه خلال زيارته الخاطفة لبنغازي أول من أمس، أنه «لا علم له» ب «غرفة عمليات الثوار»، ما اعتبرته تنكراً لجهودها في إحلال الأمن، علماً أن «الغرفة» متهمة بعملية خطف زيدان لساعات في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وأصدرت «الغرفة» بياناً امس، استغربت فيه توقيت نشر قوات الجيش والشرطة في بنغازي يوم الجمعة الماضي، أي «بعد عشرة أيام» من انتشار قوات الثوار في المدينة لضمان الأمن فيها. واعتبرت «غرفة عمليات الثوار» أن زيدان يشن حرباً إعلامية ضدها، مؤكدة أن إنشاءها تم بقرار من وزير الداخلية الليبي في 23 أيلول (سبتمبر) الماضي، وتساءلت عن مغزى توجه زيدان إلى دعاة الفيديرالية في بنغازي وتجاهله الحاكم العسكري للمدينة العقيد عبد الله السعيطي وهو من قادة الثوار. كما استغرب الثوار تردد الحكومة في استخدام قوتها العسكرية لفك الحصار عن الموانئ النفطية. ولم يلق زيدان قدراً كبيراً من الترحيب خلال زيارته بنغازي الإثنين، على رغم تأكيده أن أمن المدينة يتصدر أولويات حكومته. وعقد رئيس الحكومة وعدد من وزرائه اجتماعاً موسعاً مع حكماء بنغازي وقادة الغرفة الأمنية المشتركة (الجيش والشرطة) وآمر القوات الخاصة والصاعقة ومدير الأمن وعدد من قادة ونشطاء المجتمع المدني». وعقد الاجتماع في ملعب شهداء بنينة قرب مطار بنغازي، وأبدى خلاله رئيس الحكومة استعداده لتلبية طلبات القادة الأمنيين لجهة إمدادهم بكل المستلزمات اللوجيستية لإتمام مهمتهم، كما تدارس المجتمعون آليات تنفيذ الخطة الأمنية الجديدة في بنغازي لوقف الانفلات الأمني في المدينة. في غضون ذلك، نأت جماعة «انصار الشريعة» في ليبيا بنفسها عن الصراع السياسي في البلاد. وأكدت الجماعة «الجهادية» أن جهدها ينصب على إرساء الشريعة الإسلامية في ليبيا، وأنها لن توجه سلاح أفرادها نحو المواطنين المسلمين. وورد في بيان للجماعة: «نحن أنصار الشريعة ننأى بأنفسنا عن الصراع السياسي الحاصل في البلاد بين جميع الأحزاب والجهات، لأنه صراع لا يقوم على تحكيم الشريعة الإسلامية». على صعيد آخر، أصدرت هيئة النزاهة وإصلاح الجيش الليبي قراراً ب «عدم انطباق معايير النزاهة» على 915 ضابط صف وجندي شاركوا نظام العقيد معمر القذافي في محاولة قمع ثورة 17 فبراير. وبينت الهيئة أن قرارها استند على منح هؤلاء العسكريين المصابين إبّان مرحلة الثورة «نوط» جرحى الحرب من جانب ما كان يسمى باللجنة العامة الموقتة للدفاع (وزارة). وأوصت الهيئة بالاستغناء عن خدماتهم في الجيش الليبي.