بعد نحو عشرة أيام على مقتل زعيم حركة «طالبان باكستان» حكيم الله محسود بغارة نفذتها طائرة أميركية بلا طيار في إقليم شمال وزيرستان القبلي (شمال غرب)، قتل مسلحون بالرصاص أمس ناصر الدين حقاني، النجل الأكبر لجلال الدين حقاني زعيم «شبكة حقاني» المسؤولة عن هجمات استهدفت قوات الحلف الأطلسي (ناتو) في أفغانستان، بينها حصار السفارة الأميركية في كابول العام 2011، واغتيال عناصر في وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إي) العام 2009. ويوجّه مقتل حقاني ضربة قوية لمصادر تمويل الشبكة، لكنه لا يؤثر في عملياتها العسكرية في كابول ومناطق شرق أفغانستان والتي يقودها سراج الدين شقيق ناصر الدين، علماً أن الأخير لم يشارك يوماً فيها. ونقلت صحيفة باكستانية عن مصادر قبلية إن «ناصر الدين (36 عاما) قتل ب26 رصاصة أطلقها مسلحان استقلا دراجة نارية في ضاحية باره كوه بالعاصمة الباكستانية إسلام آباد، قبل أن يفرا ليلاً». لكن مقربين من عائلة حقاني في منطقة القبائل (شمال غرب) وروالبندي أبلغوا «الحياة» أن «ناصر الدين قتل بإطلاق نار في مدينة ميرانشاه في إقليم شمال وزيرستان القبلي المحاذي للحدود مع أفغانستان، ودفن في مقبرة العائلة بالمدينة». واتهم أقرباؤه الاستخبارات الأفغانية والأميركية بتنفيذ الاغتيال، بعد فشل حكومة الرئيس حميد كارزاي في استمالة حركة «طالبان» و»شبكة حقاني» لإجراء حوار، ورفض الشبكة التي تضم حوالى 2000 مقاتل الانشقاق عن قيادة الحركة بزعامة الملا محمد عمر. أما «طالبان باكستان» فاتهمت الاستخبارات الباكستانية بتصفية ناصر الدين بسبب قربه من حكيم الله محسود، مشيرة إلى «اتفاق بين باكستان والولايات المتحدة على الأمر». وناصر الدين ملقّب بدكتور إذ كان التحق بكلية الطب ولم يكمل دراسته. وتولى مسؤوليات «إنسانية» في الشبكة عبر رعاية الجرحى ونقلهم إلى مستشفيات في مدن باكستانية، حيث تنقل بين مناطق القبائل وروالبندي المجاورة لإسلام آباد. كما نسّق سفر الحجاج من اللاجئين الأفغان، وأشرف على أسر مقاتلين أفغان وعرب وأجانب في مناطق القبائل، علماً أنه ساهم بعد ثورات الربيع العربي في ترحيل عائلات عربية من هذه المناطق إلى بلادها. وسمح ذلك بإنشائه شبكة علاقات غير رسمية مع سفارات، وتوضيح نشاطات «طالبان» و «شبكة حقاني»، وسبب رفضهما الحوار مع كابول. وتحدثت مصادر عن اعتقال ناصر الدين مرة أو اثنين في الخليج بسبب جمعه تبرعات. وهو حظي باحترام متبرعين نظراً إلى سمعة والده جلال الدين الذي شارك في الجهاد الأفغاني منذ السبعينيات من القرن العشرين، ثم رفض الانزلاق في الحرب الأهلية التي نشبت بين فصائل المجاهدين. وعلم من مصادر في «طالبان»، أن ناصر الدين دُعي للانضمام إلى مكتب «طالبان» الذي افتتح لفترة قصيرة في الدوحة هذه السنة، لكنه اعتذر لانشغاله بالمسائل المالية والتبرعات الخاصة ب «شبكة حقاني».