في الوقت الذي تزدحم فيه إشارات مرور غالبية المدن السعودية، بجموع المتسولين، من ذوي العاهات المصطنعة، وحملة الأطفال، والباعة المتجولين الذين تستروا بما يحملون من بضائع، للحصول على ما هو أعلى من قيمتها السوقية، في نوع من أنواع التسول المبطن، يبدو واضحاً لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بدء نشوء ظاهرة المتسولين الإلكترونيين، الذين يبحثون عما يبحث عنه المتسول التقليدي، والمستحدث الذي يتماشى مع التطور التكنولوجي، بطلبات «إعادة التغريد» من «هوامير» مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. وبمجرد النظر إلى حسابات كبار الشخصيات التويترية، يتضح اعتيادهم على ازدحام شريطهم الزمني بطالبي العون والمساعدة المادية، إضافة إلى العديد من الحسابات المستترة وراء أسماء مستعارة، كان البحث عن المال هو السبب الرئيس لإنشائها في «تويتر» التي غالباً ما تكون تحمل دلالات لفظية على الحالة المادية التي يعاني منها مالك الحساب، مثل «مديون»، «ساعدوني»، «أحتاج مساعدة». ولا يكتفي المتسولون الإلكترونيون بإظهار الحاجة باسم الحساب فحسب، بل يكون لملف التعريف الخاص بالحساب، النصيب الأكبر من توضيح العوز المادي، بذكر مقتطفات عن رحلة العذاب التي دفعته لمد يد العون من خلف ستار، إضافة إلى كتابة رقم الحساب المصرفي، واسم المصرف، لتسهيل مهمة إيصال النقود له. الاستعطاف الإلكتروني، يشبه إلى حد كبير الاستعطاف اللفظي في الشوارع، عبارات حزينة كتلك التي ينطقها متسولو الإشارات المرورية، التي عادة ما تظهر ملامح العوز والحاجة، إضافة إلى الدعوات التي كثيراً ما يختتم بها المتسول الإلكتروني ما تبقى من ال140 حرفاً المتسوَّل بها. ويعمد الكثير من المتسولين، إلى اللجوء إلى مشاهير المغردين، إما لطلب المساعدة النقدية، أو المساهمة بإعادة التغريد لإيصال صوتهم إلى أكبر عدد من الناس. ولا يقتصر التسول الإلكتروني على طلب المساعدات المادية فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى نوع جديد مستحدث للتسول، كان الدافع الرئيس وراءه المد الإلكتروني الجارف، بطلب إعادة تغريد ما جاد به حروف المغرد المتسول، طمعاً في زيادة عدد المتابعين، الذي عادة ما تكون الفئة المستهدفة فيه، كبار ومشاهير المغردين رغبة في مشاركتهم أكبر عدد ممكن من المغردين لإشباع الرغبة التويترية، والحصول على مكانية رقمية عالية. من جهته، أشار الكاتب الصحافي بسام فتيني في حديثه إلى «الحياة» إلى أن رسائل التسول الالكتروني التي اعتاد على مشاهدتها بشكل شبه يومي عبر حساباته في مواقع التواصل الإلكتروني كان الدافع الرئيس وراء ازديادها بشكل ملحوظ، «مزحة البنتلي» التي فتحت الباب على مصراعيه، للتسول الالكتروني يقول: «عادة ما يرد على حسابي في تويتر وفيسبوك مثل هذه الرسائل، التي لا ألقي لها بالاً عدى تلك التي ترد من أشخاص يوجد بيني وبنيهم عدد كبير من الأصدقاء المشتركين، وهو ما يدفعني لسؤالهم عن الشخص ومدى حاجته». فتيني رأى أن خطر التسول الالكتروني الأكبر يكمن في تسول «إعادة التغريد» لما قد يحتويه المحتوى اللفظي للحساب المعاد تغريده، يقول: «تكمن خطورة التسول الالكتروني في تسول «إعادة التغريد» التي عادة ما تأتي للحسابات التي يتبعها عدد كبير من المغردين التي تطلب إعادة التغريد للحساب، بغض النظر عن المحتوى، التي يحاسب عليها نظام الأمن المعلوماتي، التي تأتي على النقيض تماماً من طلبات دعم حسابات الجمعيات الخيرية، وطلبات التبرع بالدم للمرضى التي أرى أنه من الواجب إعادة تغريدها، كنوع من أنواع التكاتف والتكافل الاجتماعي.