تواصل الحكومة الإسرائيلية تطبيق سياسة نهب ما تبقى لعرب النقب من أراضٍ في موازاة تهويده لضمان غالبية يهودية فيه، إذ صادقت أمس على إقامة مستوطنتين جديدتين على أراضي النقب لليهود المتدينين، فيما تواصل لجنة الكنيست إجراءاتها القانونية لتطبيق ما يعرف ب «مخطط برافر» القاضي بهدم 35 قرية بدوية لم تعترف بها الحكومات السابقة ومصادرة 800 ألف دونم، ما يعني تهجير نحو 70 ألف فلسطينيّ من النقب لحشدهم في تجمعات سكنية قائمة أو تجمعات جديدة. وجاء تصديق الحكومة على بناء المستوطنتين في اجتماعها الأسبوعي أمس الذي عقدته في مستوطنة «سديه بوكير» في النقب في الذكرى السنوية لوفاة مؤسس الدولة العبرية ورئيس حكومتها الأول ديفيد بن غوريون الذي نادى دائماً بتكثيف الاستيطان في صحراء النقب. وسيتم إطلاق اسم «كسيف» على مدينة جديدة مخصصة لليهود المتزمتين (الحرديم) وتقع على أراضي قرية كسيفة البدوية. وستمتد المستوطنة الجديدة على خمسة آلاف دونم تقام عليها 10 آلاف وحدة سكنية جديدة لاستيعاب 50 ألف شخص من قطاع «الحرديم». وسوّغت الحكومة إقامة هذه المستوطنة لحاجات التكاثر الطبيعي لهذه الفئة (7 في المئة) لحل مشكلة الضائقة السكنية. وستسمى الثانية «حيران» وتخصص لليهود «المتدينين القوميين». وكانت حكومة سابقة أقرت إقامتها قبل أعوام على أنقاض قرية «أم حوران» البدوية بعد أن تقوم بهدمها بحجة أنها مقامة على «أراضي دولة». لكن القرار لم ينفذ لأن القضية عالقة أمام المحكمة العليا التي التمس إليها مركز «عدالة» القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل باسم أهالي قرية أم الحيران بمنع الهدم وإخلائهم من أراضيهم. ومن المتوقع البت النهائي في الالتماس في العشرين من الشهر الجاري. وذكر «عدالة» في التماسه أن مسلسل الهدم والتهجير ليس جديداً على أهالي «أم الحيران» الذين عاشوا قبل نكبة عام 1948 في قرية «خربة زُبالة» وتمّ تهجيرهم إلى «اللقية» ومصادرة أراضيهم لمصلحة القرية الزراعية اليهودية «كيبوتس شوفال». وفي العام 1956، أمر «الحاكم العسكري» بطردهم من اللقية إلى «وادي عتير» حيث يعيشون حتّى هذا اليوم، و»ها هم يتعرضون إلى تهجير جديد من أجل إقامة مستوطنة على أرضهم». واعتبر المركز إقامة المستوطنات الجديدة في النقب في الوقت الذي تطوّر الحكومة الإسرائيليّة «مخطط برافر» الذي يقضي بهدم عشرات القرى البدويّة ومصادرة الأراضي «تأكيداً على أن الدافع الأساسي وراء المخطط هو السياسات العنصرية للحكومة تجاه المواطنين البدو». وأضاف أنه «يتوجب على الحكومة بدلاً من مواصلة سياسة سلب الأراضي من أهل البلاد الأصليين، الاعتراف بالحق التاريخي للبدو على ارضهم والعمل لفتح حوار مع الأهالي وممثليهم بناءً على الخطة البديلة التي اقترحتها الهيئات التمثيلية للبدو في النقب». يوم غضب ضد «برافر» على صلة، أعلن «الحراك الشبابي الشعبي» ضد «مخطط برافر» الاقتلاعي تنظيم «يوم غضب» ثالث ضد المشروع المذكور في الثلاثين من هذا الشهر. وأصدر بياناً ندد فيه بتصعيد الحكومة «مخططها الإجرامي» لبناء مستوطنات فوق حطام القرى التي سيهدمها المخطط. وأضاف البيان: «خرجنا في 15 تمّوز (يوليو) وفي الأوّل من آب (أغسطس) إلى الشوارع وفرضنا الموقف الموحّد والوحيد متحَدّين اليد الحقيرة للشرطة الإسرائيلية التي اعتدت بوحشيّة على الأهل والصبايا والشباب، واعتقلت وجرحت العشرات». وتابع: «في 30 من الشهر الجاري، سننزل في يوم الغضب ويوم النقب العالمي. سننزل كلنا إلى التظاهرات المركزية في النقب وحيفا ورام الله وغزّة، معلنين يوم الغضب الثالث ... سننزل كلنا إلى الشوارع لنُمسك بزمام مستقبلنا، لنحمي حقنا وأحلامنا بأنفسنا وبأيدينا، بوحدتنا الوطنيّة وصدورنا المتحديّة للشرطة وقوّة عزيمتنا في الدفاع عن جوهر قضيّتنا وحريّتنا في هذه البلاد: ملكيّتنا على أرضنا».